الدريكيش .. طبيعة ساحرة تنتظر صنّاع السياحة

الوحدة 76-2022

بعيداً عن السياحة الشاطئية وروّادها الكُثر، بدأت بوادر الاستجمام والتمتّع بالتفاصيل المكتنزة لمواقع سياحية جبلية متعدّدة الخواص، حيث تنسجم بين مكوناتها من جبال شاهقة وغابات شجرية كثيفة تزيّنها طرقات غاية بالجمال والروعة، فتقودنا هذه الخصال إلى منطقة الدريكيش تلك الأيقونة السياحية وما تمتلك من ملامح زيّنتها قدرة الخالق في صناعة طبيعة هاربة من أطراف الجنّة .. مدينة الدريكيش ترقُد منتظرة أحباءها المقيمين والمارين على دروبها، مدينة تلفحها نكهة السياحة القديمة، وما تمتلك من مخزون سياحي عتيق كان يتجلّى عبر سياح أجانب من بلدان أوروبية ساقتهم أجسادهم للمكوث صيفاً بجوار ينابيع معدنية عذبة هي خامة طبية علاجية لتلك الأبدان القادمة، مياه ينابيعها كنز ثمين، جادت السماء بمخازينه الوفيرة ليكون اليوم أحد أهم الاقتصاديات الرابحة، تلك هي مدينة المياه ينابيع معدنية هاربة بين أوصال تلك الشوارع هي الغاية والمَقصد ، شوارع مرصوفة بحجارة بازلتية سوداء، تفترشها منتجات من خضار وفاكهة نضرة، تجود بها قرى الجرد الغني عبر نسوة ورجال ابتسامتهم تسبق أنفاسهم، وبحنان مُلفت أياديهم الخشنة تقلّب خيراتهم لتفوح منها روائح الخضار الغضّ، ومن كتف مدينة الدريكيش الشمالي يتدلّى نهر قيس وينابيع الدلبة العذبة وبعض الروافد الصغيرة، لتستقر تلك الخيرات بسدّ تحتضنه جبال وأرياف في غاية الروعة، ذلك الوادي الخصيب يكسوه في الصباح رداء بلون الدخان، ضباب تلفظه تلك الطبيعة الخضراء ومياهها الغذبة، لتتكشّف التفاصيل على وقع شمس دافئة وطراوة نسمات عليلة، إلى الشرق .. وعبر طرقات جردية تلتفّ على أكتاف أودية ساحقة، تستوقف الزائر ينابيع تسقي أطراف تلك الطُرق، لتبدأ إشارات دلالة خجولة تقود الزائر إلى أجمل القرى والمطارح المتناثرة، حيث تحتاج إلى عاصفة سياحية وتسويق فعلي يعطي تلك المناطق القليل من حقّها الضائع بين وزارة السياحة وصنّاع السياحة الشعبية الذين يقع على عاتقهم الترويج والإعلان بالتعاون مع المعنيين بهذا الشأن لتطوير مفهوم السياحة في مدينة تمتلك من المعطيات ما يؤهلها لتكون درّة خالصة في المجال السياحي وعدم الاكتفاء بمتنزّهات شعبية محلية محدودة على أطراف القرى وغاباتها الفتية يتفنّن أصحابها بصناعة المناقيش والطعام البلدي، فهي بحاجة أيضاً إلى يقظة كبيرة تستوعب هذا الجمال فيتم توظيفه عبر نوادٍ ضخمة وفنادق وشاليهات جبلية وخدمات بمفاهيم متحضّرة تجلب وارداً لخزينة الدولة وسكّان تلك المناطق، وبذلك ترتقي إلى مصافي مُدن الزبداني وبلودان وكذلك صلنفة وكسب والمشتى، الذين يفتقرون لما تمتلكه الدريكيش من خامات ومقومات حقيقية بحاجة إلى تفعيل.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار