العـــــدد 9319
الإثنـــــين 25 آذار 2019
سؤالٌ واحدٌ يبقى معلقاً على رصيف الذاكرة دون إجابة محددة:
(أليس غريباً أن يحنَّ الإنسان إلى طفولته وهو يقترب من نهاية العمر؟!)
وكيف تسكننا تلك التفاصيل الصغيرة التي تعني لنا كثيراً، نبتسمُ بشوقٍ كلما مررنا بها، نلقي عليها السلام والورود المخبأة في سلال القلب والذاكرة . . .
بينما لا يلتفت إليها أحد سوانا!.
أسماءٌ قديمة . . وجوهٌ . . عناوينٌ . . مقاعد وأرصفة . . أزقة وحارات . . .
شواطئ . . . كتابات ومقاهٍ . . لوحات فنية وشهادات معلقة على الجدار . .
هي بتفاصيلها كل هذا الحنين الذي يورق في دمنا، يشاغبُ النسيان ثم يسرقه!
أليس غريباً أن يكون الإهداء المكتوب بخط يد كاتبٍ في مقدمة رواية أو كتاب هو امتدادٌ لغاية من الأحاسيس والكلمات والتواريخ التي تزهر في خاصرة الورق . .
أليس غريباً أن تأسرنا أغنية قديمة أو موسيقى تصويرية لمسلسل أو فيلم كرتوني أحببناه وتبقى لسنوات طويلة تتردد في أعماقنا وكأننا لم نكبر، ولم نغادر تلك اللحظات الدافئة، وكأنها في كل مناسبة تُغرق وجوهنا الحزينة بماء الطهارة . .
اليوم.. وقد ازدحمت تفاصيل حياتنا بما يكفي من اغترابات موجعة وضجيج ملأَ مفاصل الوقت.. نمارس بين حينٍ وآخر طقوس فرحٍ خفي، نعيدُ تلاوةَ ما أحببناه بصدق، تلاوةً خفيفة لا يسمع بها غيرنا، ننفض الغبار عن قلوبنا ونطلق العنان لطفولةٍ لم تغادرنا أن تركض حافية القدمين في سماءٍ من قصب السُكّر!!
منى كامل الأطرش