الوحدة: 10-4-2022
مع غياب الكهرباء وشح الغاز والمحروقات وتدني الرواتب وارتفاع الأسعار الذي فاق التصور لمعظم المواد الغذائية والتموينية، يحاول أبناء طرطوس أن ينعشوا ما يستطيعون من طقوس الشهر الفضيل، حيث غابت العديد من المواد الغذائية المعروفة وحلويات رمضان الأشهر حيث وصل سعر كعكة رمضان الشهيرة بالمعروك ل ٨٠٠٠ ل.س وحتى ١٢ ألف ليرة للمحشية منها في بعض المحلات، بوقت لم تتجاوز أكبر معروكة محشية سعر ٥٠٠٠ ل.س في رمضان الماضي، ومع غياب المسحراتي الشهير عن معظم أحياء المدينة، حافظ مدفع رمضان الذي يعلن ساعة الإفطار على حضوره الآخاذ فما زال الصائم ينتظر سماعه للبدء بالشرب والأكل، حيث يوجد ٥ مدافع موزعة في المدينة تدك وتطلق لإعلان وقت الفطور طيلة أيام شهر الصيام، ويتألف مدفع رمضان من (بوري حديد مزيبق) بداخله فتيل وحشوة مدكوكة مغمسة ببرميل مملوء برمل أحمر.
ويحدثنا السيد محمود وهو موظف متقاعد أن طقوس رمضان باتت خجولة أمام ما يتذكره عن الأيام الخوالي، فلا إمكانية لشراء ما تشتهيه العائلة من الطعام والحلويات والمشروبات المعروفة بالشهر الفضيل.
بدورها السيدة الحلبية أم محمد والمقيمة في طرطوس فتقول: أتيت وعائلتي لطرطوس في عام ٢٠١٣ وأحاول أن أفرّح عائلتي بإعداد الطعام المنوع المعروف لدينا برمضان رغم كل الظروف، فيما تفتقد أم محمد للحلويات الحلبية الشهيرة من المغشوشة وأم النارين وقد استغنت عن شراء الحلويات عبر محاولة صنعها في المنزل.
أما عن واقع الحال في المدينة فيلاحظ ازدياد الحركة الخجولة أصلاً قبل وقت الإفطار بساعات قليلة من أجل شراء بعض الحاجيات المنزلية والمأكولات والمشروبات، حيث تشتهر أحياء “طرطوس القديمة” بمختلف أنواع الأطعمة والمشروبات الرمضانية، فيما نأت العديد من الأسر عن هذه الطقوس واكتفت بكفاف عيشها لعدم قدرتها على الشراء، ورغم توزيع السلل الغذائية للأسر المحتاجة والأشد فقراً من قبل الجمعيات الخيرية المتعددة، يقول الأستاذ خليل أنه يخجل من الوقوف على طوابير المعونات للتسجيل، حيث أنه مدرس تاريخ وزوجته موظفة ولديهما ثلاثة أبناء أحدهم مصاب بمتلازمة داون ومنزلهما أجار، وراتبهما ينتهي فور استلامه غالباً لتسديد ما عليهما، فيما يسعى عن طريق صاحبه العامل بالبناء إلى مساعدته ببعض الورش لتأمين بعض الطعام والاحتياجات الكبيرة في باقي أيام الشهر، ولكن هذه الأعمال مؤقتة وليست دائمة، ويضيف خليل أن هناك مثله العديد من الأسر التي تعاني والتي أصبحت تحت خط الفقر.
وفيما أعلنت السورية “السورية للتجارة” عن تدخلها الإيجابي وسلتها الغذائية ب ٨٠ ألف ل.س، فأكد السيد خليل أنه لا يستطيع الحصول عليها، ومع تناقضات الحياة وغرائبيتها تمتلىء بعض المقاهي والمطاعم بالمحافظة بالرواد مع استحضار العزف الطربي وراقصي المولوية، لتبقى طرطوس – التي تعتبر سورية مصغرة – جامعةً لكل فئات وأطياف المجتمع السوري بعاداته وتقاليده الأصيلة.
رنا الحمدان