الوحدة: 21-3-2022
في بداية الربيع وتجلّي بواكير أزاهيره على مد النظر ..يحتفل العالم بعيد الأم كأقحوانة تشق طريقها إلى حقولٍ ترتدي بسندسها الأخضر أولى تباشير مرحلة العطاء في لوحة الطبيعة .. أليست الأم – وعبر جميع الثقافات على اختلاف أطيافها – تشكل رمزاً للعطاء والتضحية والجود بأغلى ما تملك في سبيل سعادة وراحة من حولها؟.. هذا العيد في وطني سورية، له طابع مزنر بالقداسة وترانيم الوفاء لإنسانة رسمت لوناً آخر للأم… فكانت مثالاً مشرفاً يحتذى به في عملها ومثابرتها وجهدها ومجاهدتها لكل صنوف الأزمات وفي كل مواقعها كأم عاملة ( في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية والطبية والتربوية ..)، أو مربية تدير شؤون أسرتها وأطفالها وتدبر أمور بيتها بكثير من الحكمة والصبر في ظل أحلك الظروف وأقساها .
ولا ننسى أم الشهيد التي ينساب الوطن في رحيق كلماتها لتضيء ذاكرتنا في حديثها عن ذلك السمو، وتلك العظمة للشهادة، في حضرة وطن يتوشح بالعزة على حواف المجد.. فالأم السورية بكل وجوه حضورها، لاتمثل جزءاً من المجتمع فقط، بل كله.. حين نهضت هذه العظيمة في عطائها، لتقدم أغلى ما عندها فداء وصوناً لوطنها .. إنها الأم السورية التي لم تكن – في أي مرحلة من مراحل تعاقب حضارتنا عبر التاريخ – بحاجة لمناسبة أو يوم لتثبت فيه للعالم جدارتها واستحقاقها لتكون أيقونة على صدر مجتمعها بريفه ومدنه وعلى امتداد أرض الوطن.. فهي الحاضرة والمدبرة والمتكيفة مع ظروفها بحلوها ومرها.. وهي السند والأساس المتين لبيتها وعائلتها ولمواقع عملها.. إنهن الأمهات السوريات ، اللواتي يمثلن أطياف مجتمعنا بكل ألوانه وجهاته , وهن الأمل لوطن يتسع للجميع .
ومن خلالهن، نستطيع أن نتقن فن إدارة المجتمع، وإدارة الوقت، وإدارة الضمائر بالمحبة، التي نحتاجها، ونحن نتشارك الحياة معاً، في هذه البقعة المباركة، والمسورة بالغار، وبدماء الشهداء و الشموع التي تعلو أضرحة هؤلاء القديسين، والتي حتماً، ستضيء ليلاً، أراده لنا فاسدٌ من الداخل وعدوٌ من الخارج.
في عيدكن و لكل أمهات العالم: كل عام وأنتن بألف خير.
رنا رئيف عمران