الوحدة: 21-3-2022
كلما حاولت أن أسندها، أو أساعدها على النهوض، تتعزّز وتتمنّع، وتقول لي: لا تتعب نفسكَ يا ولدي، ما زلتُ قادرة، وأستطيع أن أخدمكَ يا صغيري..
قلتُ لها: تجاوزتُ الخمسين يا أمّي، فتردّ ضاحكة: ما زلتَ طفلاً بعيني، أخشى عليك أن تتعثّر، أن يسقط اللحاف عنك في هذه الليالي الباردة، أتمنى أن أطمئنَّ أن تتناول الأكلات التي تحبّها… دائماً أذكّر زوجتك أنّك تحبّ الفول الأخضر، وأنك تحبّ الملفوف بالبرغل، وتحبّ البرغل بكلّ أنواعه..
أضحك، وأتصوّر نفسي ذلك الطفل الذي تتحدث عنه أمّي، وأنظر إلى أولادي، وكيف أعاملهم، وكيف أخشى عليهم إن هبّت نسمة!
حتى الآن، وقد اقتربت من التسعين من عمرها المبارك إن شاء الله، تتفحّصنا بنظراتها، تراقب خطواتنا، قد تناديني باسم أخي، وتنادي أخي باسمي، ولكنها لا تخطئ الحنان، ولا تضيع منها بوصلة السؤال عنّا.. ولأنكِ أنتِ، ولأنكِ هذا العطاء الذي لا ينضب، لم أنتظر هذا اليوم لأقبّل يديك، وأحمل بيدي ما تواضع من صغائر الدنيا، فأنتِ كنتِ على الدوام دعائي بعد ابتهالي إلى الله، وسندي بعد توكلي عليه، وكلّ الفرح الذي زرعته في أولادي..
ولأنّكِ (ستّ الكلّ)، تكبرين على الوصف، ويصغر أمامك كلّ شيء، أو لم تقولي لي وأنا أحاول أن أجبرك بتناول قطعة (كاتو): أولادك أولى يا ولدي؟ لأمهاتكم وأمهاتكن جميعاً، كلّ الحبّ والاحترام، والأمنيات بالصحة وطول العمر، ولأمي دعائي ورجائي مقعد محفوظ في الجنّة، وخاتمة طيبة، كما كانت كلّ حياتها..
غانم محمد