«أصـــــابع – البـــبـّو- يا خيــــــــار.. حمــــــرا وريـّــــــانة يا بنـــــــدورة» … الخضــــــــار .. إنتاج محلي بأسعار عابرة للحــــدود و «المنـــــتج والمســــتهلك» متــــذمران!

العدد: 9318

الأحد-24-3-2019

 
 

 

لا نعرف أن نلتقي في منطقة (وسط) في كثير من الأحيان، وبما لم نكن نبحث عن حلول وسط، وغالباً ما كانت (التدابير) هي التي تفعل ذلك، فهل غابت التدابير أم نحن من لا يتعاطى بها؟
لا نريد أن نصوّر الأمر وكأنّه (كارثة)، وبذات الوقت لا نجد ما نبرر فيه الواقع القائم وما يموج بتفاصيله من تناقضات..
سقفنا في هذا الملفّ ما كان يعود به كلّ موظف يومياً بعد نهاية دوامه (بطاطا وبندورة وبصل أخضر وخسّ وبقدونس.. إلخ)، لكنه تخلّى عن هذه العادات لا لأنه اكتشف ضرر هذه (السلع)، ولا لأنه استعاض عنها بالسمك واللحم والفروج، بل لأن هذا (الموظّف) اعتاد على (الفشخرة)، وبات يصف كلّ راتبه (كلّ) في يومين أو ثلاثة أيام!
المشكلة أننا غالباً ما ننظر إلى الأمور من مكان واحد، (حتى في ملفنا لهذا العدد نسقط في هذا القصور)، حيث نستمع فيه إلى رأي المستهلك فقط، ونقيّم الحالة من وجهة نظره، وقد نلقي اللوم على (المنتج) وكأنه هو من يفرض السعر، أو ليس من حقّه أن (ينتعش)؟
المشكلة الحقيقية تكمن في (سوء تخطيط) غالباً ما يكون هو السائد، فعلى سبيل المثال، وفي الوقت الذي يكون فيه سعر كيلو البرتقال (100) ليرة لماذا يكون سعر كيلو الخسّ (500) ليرة مع أنّ أرضنا صالحة لإنتاج الجهتين فلماذا لا ننتج إلا الحمضيات، أو بتعبير أدق لماذا لا يكون هناك تخطيط مدروس لأنواع الزراعات بحيث تغطي الحاجة، وتبقي كلّ الأمور في حدود (الوسط المطاق)؟
نتذكّر أننا قبل أقلّ سنة من الآن كان العنوان الرئيسي على صدر الصفحة الأولى من هذه الجريدة: (البطاطا.. بـ – تراب المصاري)، حيث هبط سعرها إلى 30-50 ليرة وقد يحدث هذا الأم بعد شهرين، والسؤال هنا: هل جهّزت أي جهة برادات تخزين بحيث تبقى البطاطا على مدار العام بمتناول الجميع، أم سيتكرر المشهد، وستحضر (السورية للتجارة) وتستجّر كميات محددة تشغل بها وسائل الإعلام وكفى الله المؤمنين شرّ القتال؟
وعندما نجلد أنفسنا الآن بالبكاء على حالنا وإظهار (التعاطف) مع (الأخ المواطن)، هل خطونا خطوة لتجنيبه معاناة اليوم غداً؟
بالنسبة لأسعار الخضراوات هذا العام قد تكون استثنائية وخاصة (الحشائش منها) بسبب الأحوال الجوية التي أغرقت مساحات كبيرة من الأراضي ولم يتمكّن أصحابها من حراثتها وزراعتها، ولكن وبشكل موضوعي فإن تكاليف الإنتاج المرتفعة تفرض جزءاً من هذا الارتفاع الجنوني بأسعار مبيعها، ويجب التفريق بين ما هو أساسي منها وما يمكن الاستغناء عنه، فهذا ليس وقت لا البندورة ولا الخيار، ونستغرب أيضاً أن بعض من يشكو البطاطا يشتري (العوجا) بالآلاف!
لا نبرر ولكن الأصح أن نرى أي مشكلة من جميع جوانبها، ومعظم زوجاتنا أصبحن (هوانم) فلا ربّ البندورة موجود من صنع أيديهن، ولا مجفف الباذنجان ولا البامياء ولا شيء آخر، ومع هذا كلّ منهن تضع لائحة متطلباتها في جيب زوجها و(دبّر حالك يا رجّال)!
ستردّ علينا بعض النسوة فيتحدثن عن انقطاع التيار الكهربائي وإلا لملأن (الفريزة) بالفول الأخضر والفاصولياء.. إلخ، ولو أن رواتبنا تسمح لنا لجهّزنَ كميات كبيرة من المكدوس والمخلل والمعقود والمجففات و..
نعم، كل هذه التفاصيل صحيحة، لكن ليس شرطاً (زوجتي العزيزة) أن تصرّي على تجهيز (التبّولة) كلما زارتك إحدى الجارات..
الخضار، أسعارها نار والمواطن يغنّي: دليلي احتار، نترك الكلام على بساطته، علّنا نذكّر بحلّ مفيد قبل أن ينزل موسم البطاطا إلى الأسواق وتنزل معه أسعار مبيعه إلى الحضيض، لنعود بعد بضعة أشهر إلى هذه النقطة..

غــانــم مــحــمــد -تصوير هشام مرزوق

تصفح المزيد..
آخر الأخبار