الوحدة 15-3-2022
– حين سألته.. تلجلج في الكلام ولم يفصح، نفث دخان سيجارته. سرح بعينيه في الأفق البعيد .
أعدت عليه السؤال. حدّق بي وقال: تريد جواباً.
ضغط على يدي بقوة وأشار إلى السهل المنبسط أمامه ثم أدار طرفه إلى التلال المقابلة والتي تملأ فرجة العين وقال :
– هناك يا صديقي تستطيع أن تطرح همومك، هناك لا شيء يوقف زحف السنا.
نجلس تحت فيء بلوطة، تنظر إلى الفجر الزاحف على مهل, تتحسس بأناملك وجه الزهر.
هناك يا صديقي تنام الحكايات ويرحل الوجع, والدروب الحبلى بالأماني تفرش مآزرها بوشوشات الذكريات ، ونكبّ أيامنا في علائق النور ,وتوغل الأعين في بطاح المدى.
وتنساب المواويل , ويجن ليل الهوى, وتتراقص أراجيح الغمام .
– تسألني وتريد جواباً..
كل الأجوبة لا تسرّ، فلم أرهقك, ولم نحب أن تجلب الهموم إلى ذل هدأتك يا صديقي ، انظر إلى تلك الغيمة القادمة . هي سحابة من طيور الوراوير المغادرة . تستضيفنا أوائل آذار وتغادرنا أواخر أيلول. هي هكذا أبداً تمضي في رحلتها المتعبة .
– الغربة يا صديقي ،جرح ينز في خاصرة الحلم . فتنبو القلوب من تحت الضلوع , لياليها فوق احتمال العيون .
تريد جواباً. ولا جواب يا صديقي. فلكم قلنا: راحل أنت ياغيم القهر . مسافرة في لياليك كلّ الأزمنة. ولا بد من أن تأتي يوماً غيمة زرقاء ترش بيادر المنى فتورق الأحلام وتسألني. وبعد كل هذا تسألني : كيف الحال .
لا جواب يا صديقي… لا جواب
سيف الدين راعي