الوحدة 15-3-2022
ما أن تلقي السلام على أحدهم، وتتبعه بالسؤال التقليدي: كيف حالك، حتى تقفز من لسانه كلّ الشياطين، ويبدأ بسرد سلسلة مواجعه، وقد لا تستطيع أن توقفه، وقد يستمر بذلك حتى وإن غادرته! لا أحد يتحدّث بلغة التفاؤل، وكأن هذا الأمر أصبح جريمة يعاقب عليها القانون، أو كأنّ السير في الطابور عادة نحبّها جميعاً! يتحدثون عن الكهرباء، وأنّها لا تأتي، على عكس الواقع، فأمس، وخلال ربع ساعة جاءت الكهرباء أربع مرّات.. أقسم بالله العظيم إنّها الحقيقة، فلماذا أنت ترى أنّها انقطعت أربع مرّات! بتنا ندعو الله، ونضع أنفسنا أمام (خيارين) صعبين، فنتمنى أن يحلّ الصقيع في الليل، من أجل أن تتوفّر الكهرباء حماية للزراعات المحمية، وبنفس الوقت ترتعد مفاصلنا من البرد، ونخشى على الزراعات المحمية من الضرر، لكن بضع ساعات متواصلة من الكهرباء قد تحلّ العديد من المشاكل! بتنا، أيضاً، لا نتمنى أن يطرق بابنا زائر، فالفاتورة باهظة على تواضع ما سنقدّمه.. لقد وضعتنا ظروف الحياة في مأزق عاطفي وأخلاقي أمام مَن نحبّ، وبألفي ليرة (بذر عشّاق) تضرب الميزانية ولا تبيّض الوجه… إنها عاداتنا في الضيافة والاستقبال، ومواجعنا المتجددة والمتلونة مثل حرباء ترفض أن تغادر المشهد، وهنا وهناك، وإن كنت في (سرفيس) ورأيتَ من تعرفه، فما عليك إلا أن تضع رأسك على ظهر المقعد الذي أمامك، أو أن تشيح بوجهك خارجاً وتدعو من الله أن يترجّل قبلك، حتى لا تضطر أن تدفع عنه أجرة الطريق! فطائر العجين بالسلق، تقليد غذائي كان يتكرر أسبوعياً على موائدنا الساحلية في مثل هذه الأيام، حيث يتوفّر السلق بسعر معقول.. نسينا هذا التقليد لا لعدم توفّر السلق، بل لعدم توفّر الزيت، وللارتفاع الجنوني بسعر الطحين المغلّف! كلّ منّا همّه على قدّه، فربما الآخرون كرهوا الكبّة باللحمة، أو فطائر الدسم بمختلف تسمياتها، ونحن في محراب (السلق) حائرون!
غانم محمد