الوحدة : 9-3-2022
كُتب الكثير، وتم نسج أحلام وخيالات واسعة الأفق حول المبدأ والغاية المرجوة من عمليات التشجير والحملات الواسعة التي تمارسها جمعيات أهلية وقطاعات حكومية ومجتمعية بالتعاون مع ذوي الشأن في مديريات الزراعة والمكاتب المختصّة، وذلك للتعويض عمّا خسرته تلك المساحات وإعادة رونق الضباب والنسمة العليلة المصنوعة بأحضان هذه الغابات، والأهم من كل ذلك النوع المُراد زراعته لخلق بيئة ملائمة للمكان، وجُل ما يتم زراعته في محاولة لإعادة هذا الغطاء الأخضر هو أنواع من الصنوبريات ومنها الثمري والخرنوب وكذلك الغار بعد استصلاح مساحات واسعة من تلال وجبال ووديان أتت عليها نيران متطرفة أزاحت الأخضر واليابس وقضّت مضاجع أوكار وأعشاش وحيوانات هي في الأساس وُجدت لتكون إحدى مكونات التوازن البيئي، فبدأت الاستغاثات من مختصين وعارفين بالوضع البيئي للإسراع بإعادة ما خسرناه جراء فقدان القسم الأكبر من اللون الأخضر، الذي كان ينعش الروح والعين، ويبعث في القلوب طمأنينة لاستمرار الحياة وتوازنها . لقد آن أوان امتلاك ناصية الشتول الثمرية وقيام مراكز الأبحاث العلمية والزراعية باستنباط أنواع تتلائم وبيئتنا الزراعية، واعتماد أسلوب آخر من عمليات التشجير واستبدال الغطاء النباتي بشتول ثمرية موجودة حالياً ومناسبة كالزيتون والكستناء والتمور وكذلك الصبار الذي ينمو على هامش الأراضي وفاكهة أخرى أغلبها مقاوم للظروف المناخية القاسية، والقيام بزيادة المخافر الحراجية وطُرق النار لحمايتها من الحرائق والتعديات، مع العلم أن هذه الأصناف المذكورة تعيش وتعطي ثماراً مقبولة على هامش الأرصفة والحدائق العامة وبعناية بسيطة، وزِد على ذلك التجارب السابقة حول زراعات ثمرية في محميات النبي متّى في جبال الدريكيش وكذلك في محمية الشوح والأرز في صلنفة والغطاء المنوّع الذي بدأ ينتج الكثير من المنتجات في محمية الفرنلق ( كتجربة رائدة ) وما رافقها من عناية سواء بإنشاء مجمعات ومعارض لمنتجاتها، حيث استوعبت هذه المنشآت أعداداً من العاطلين عن العمل، وأخذت منتجاتها تعطي شهرة واسعة وعلى نطاق اجتماعي مرغوب بكافة منتجاتها وجميعها من تلك المروج الغنّاء وما تحوي من نباتات وأعشاب طبيّة وأشجار مثمرة بنكهة تلك الفروع الغضّة . وحول هذا الموضوع كان للوحدة اللقاء الآتي مع م. مضر جناد رئيس دائرة الإنتاج النباتي في مديرية الزراعة، فأكد أنه تم إجراء كشوفات على ممتلكات المتضررين وتوزيع غراس مجانية من الزيتون والتفاح والجوز وحاجتهم من الغراس الأخرى، إضافة إلى التعويض المادي عن الحرائق التي حصلت عام ٢٠٢٠ ،
وأضاف هناك خطة دائمة للتحريج ومن خلالها تم تحريج موقع جبل المسيوى في مناطق الفجر قرب العيسوية، حيث تم استصلاح الأراضي وتحريجه هذا العام متمنياً زراعة القسم الأكبر من هذه المساحات بالزيتون بالإضافة إلى الحراج ويكون ذلك تحت إشراف الدولة بهذا الشأن والقيام ببيع المنتجات والمحاصيل بصالات السورية للتجارة أسوة بتجربة الفرنلق، علماً أنه يتم حالياً توزيع غراس في مناطق بللوران وزغرين والدفلة وجبلة وقبلها في القرداحة عدة مرات نتيجة ضراوة واتساع الحرائق هناك، وكذلك في اسطامو ومرج معيربان وبشلاما ومناطق أخرى اجتاحتها الحرائق، وحول زراعة النخيل أوضح السيد جناد أن هناك تجربة خاصة قيد التنفيذ يقوم بها أحد المزارعين لإكثار النخيل بالأنسجة عبر المخابر وهي تجربة فريدة، وذلك بأخذ أنسجة سليمة وإنتاج شتول خالية من الأمراض عبر شروط ومراحل علمية دقيقة . لذلك لا بد من القيام بإنشاء مشاتل خاصة بتلك الزراعات الثمرية وتوسيع ثقافتها على جميع المناطق وحتى الصحراوية منها، فخبرة مهندسينا الزراعيين مشهود لها في مجال استنباط سُلالات تناسب بيئة بلادنا وتربتها الخصيبة، علماً أننا نزرع الآن لأجيال قادمة، قد تلومنا على تقصيرنا وقِصر نظرنا .
سليمان حسين