وقال البحر.. المعاملة الحسنة

الوحدة: 24- 2- 2022

 

المعرفة الحقيقية للأبناء تعني الاهتمام بحاجاتهم و الاعتراف برغباتهم و أيضاً الإحساس بمشاعرهم وهذا ليس بالأمر السهل إذ يتطلب ذلك طاقة خاصة و جهداً منقطع النظير و استعداداً من لُب القلب و العقل لا يمكن أن يتوفر بسهولة و يُسر دوماً، و بين النظرية و الواقع مسافة شاسعة و فرق كبير و لكن يبقى أن الأبناء كائنات فريدة تتطلب معاملتها باحترام و حذر و حتى يكون الأهل قادرين على فعل ذلك.

فمن الضروري بداية أن يحترم كل من الوالد و الوالدة نفسه و يحترم كل حاجاته بالإضافة إلى تنظيم شكل الحياة الأسرية من أجل سيطرة جو من الثقة و الأمان الضروريين لكل أفراد العائلة و هذا سهل المنال إذا تم اعتماد مبدأ العدالة و قيم الديمقراطية التي تأخذ بالاعتبار أعمار كل الأبناء و الأُسس التي يودان الوالدان للأبناء النشأة عليها فعلاً و كل ذلك يتم بتشجيع السلوك الطيب و تجاهل أغلب ما يصعب استيعابه و عدم استساغة انتهاج العادات السيئة الشائعة و هذا هو أساس كل نظام تربوي عائلي، ويمر الاحترام بالأفعال و لكنه أيضاً يمر بالكلام و العبارات اللائقة والمُستخدمة في توجيه الأبناء و لعلّه من أصعب الأمور التي يعيشها كل إنسان هي السخرية و النقد المستمر، و من المعلوم بأن للنقد الجارح بعض الآثار التي تظهر على المدى البعيد و القريب أيضاً و يكون ذلك من خلال تمرد الأبناء و إظهار عدم الاهتمام و البدء بإخفاء عدد من الأمور وصولاً للكذب و قطع قنوات التواصل و الاتصال المُستمر و الدائم مع الأهل و يصل الأمر في بعض الأحيان إلى درجة التحدي المُؤلم و المعارضة العائلية القاسية، و حتى يستطيع الأبناء بناء جدار الثقة بالآباء و اللجوء إليهما فيتوجب على الأهل دقة التركيز على ما يلي:

– أخذ الوقت الكافي للتفكير قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بسلوك الأبناء ،عدم ترك المزاج يتحكم بالقرارات الهامة و المُتعلقة بالأبناء ،احترام الوعود و العهود المُقدمة للأبناء بشكل دائم قدر المُستطاع . يرغب الآباء بشكل عام بأن يتصف أبناؤهم بالاستقلالية و شعور المسؤولية و من أجل ذلك يتوجب فعلاً إيجاد الجو المناسب من خلال إلغاء صور التوتر الأسري الغير الضروري و السماح بتعدد الخيارات و الاستعداد لكل التغيرات و يزيد تحمل المسؤولية للأبناء من قيمتهم بنظر أنفسهم شرط تناسب ذلك مع القدرات و الإمكانات لكل فرد من الأبناء .

و يرى الخبراء بأن للأبناء دوراً واضحاً في جعل أغلب الأهل يعيشون مشاعر متنوعة كالفرح و الخوف و الغضب و الشك و الوحدة والعنفوان و العصبية و الكرم و يكون إظهار جملة هذه المشاعر بصعوبتها و سهولتها مُتوقفاً على الظروف و المزاج و التربية التي تلقوها مع الانتباه إلى انقسام عموم الأهل بين من يكبت تلك المشاعر كلياً و بين من يتحكم بها و بين من يُعبر عنها دون تردد . يمر شعور الأبناء باحترام الآخرين لهم بالشعور بالأمان في داخلهم و يتناول هذا الأمان أبرز الأبعاد التالية:

الأمان الجسدي : فهناك قواعد للأمان الجسدي ضروري لكل فرد من الأبناء حسب عدد سنوات عمره و مدى تدريبه على مواجهة المخاطر المختلفة المحدقة به.

الأمان العاطفي: و يتناول التغييرات التي يتم إدخالها على مسيرة حياة الأبناء مع ضرورة تحديد تعابير هذا الأمان بما يناسب الحاجة و من تلك التغييرات على سبيل المثال لا الحصر هو انفصال الأهل أو تغيير مكان السكن أو الدراسة أو سفر أحد الأهل و ربما تغيير عمله و غيرها، ومن أجل مساعدة الأبناء على تحمل ضغوط التغيير و التخفيف من تأثيرها فيُقترح انخراطهم في نشاطات رياضية و مسابقات ذهنية و فعاليات إبداعية و لقاءات تواصلية و اجتماعية مع الآخرين .

د. بشار عيسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار