وفاء وسّوف وإبداعاتٌ في الترجمة

الوحدة 13-2-2022  

 

الترجمة فن إبداعي قائم بذاته له قواعده، خصوصياته وروّاده الذين لا تقلّ مهامّهم عن مهامّ أي كاتب مبدع، بل وتزيد لأنّهم فرسان للتواصل المعرفي والانفتاح على الآخر صاحب اللغة الأخرى. من هنا تنبع أهميّة الترجمات والمترجم . فيما يأتي كانت لنا وقفة مع أبرز المترجمات في محافظة اللاذقية. خرّيجة اللغة الإنكليزية المدّرسة وفاء وسّوف، المعروفة بسلاسة ورشاقة ترجماتها، وقربها من القارئ. ترجمت عشرات العناوين لأهم الكتب والكتّاب، لتحدّثنا عن تجربتها، والصعوبات التي تواجه المترجم

. متى بدأ دخولك عالم الترجمة وكيف؟

بدأت الترجمة عام 2004، في البداية كمُعين ومساعد لأحد الأصدقاء بسبب اقتراب موعد تسليم ترجمة مستعجلة، وهكذا وجدتُ نفسي مترجمة أساسية وليس مساعدة بصفحات قليلة. استهوتني الفكرة وبدأتُ العمل عليها. لا يمكن أن تصبح مترجماً من دون قراءة ومطالعة حثيثة ومتنوعة، والأهم أيضاً قبول التحدّي المتمثّل في أن لا تحصر نفسك في مجال محدّد، وخاصّة في البدايات. إنَّ الترجمة ترهنك وتملكك، مثل نفي يحرمك أُنس الحياة الطبيعية ويلقي بك في غياهب حياة افتراضية تراها بدايةً موحشةً قاتمة، إلاّ أنّ السراب المخادع سرعان ما يتلاشى كاشفاً عن واحات منسيّة، عندها ينتفي إحساسك بأنّك خُدِعت وتم استدراجك لمكيدة كامنة وستطرح على نفسك سؤالاً بصوت خفيض كيلا تشمت نفسك من نفسك: هل لذة الإشباع تأتي أقلّ بكثير مما وعدنا به الجوع؟!

ما هي أنواع الكتب التي تترجمينها؟

الكتب التي أترجمها متنوّعة، أما التي تستهويني فهي الأدبية والفلسفية والاجتماعية. فقد ترجمت مسرحيتين من عصر النهضة: طريقة جديدة لسداد الديون القديمة- فيليب ماسينجر- A New To Pay Old Debts – Philip ” عطلة الإسكافي- توماس ديكر_ The Shoemaker’s Holiday- Thomas Dekker كتاب “الجودة- سلاسل الهندسة الصيدلانية”-كيت ماك كوميك “Quality- Pharmaceutical Engineering Series By Kate Mccomick دقيقة واحدة من اليقظة- دونالد ألتمان- One Minute Of Mindfulness – دار الخيال الصبي الذي عرف الكثير- كاثي بيرد- The Boy Who Knew Too Much – دار الخيال الامتنان- لويز هاي وأصدقائها- Gratitude – دار الخيال عطلة الإسكافي: وحالياً قيد الطباعة: عندما نؤمن بوجود الحوريات- باربرا أونيل- دار نينوى.

إلى أي مدى يمكن للمترجم أن يكون صادقاً؟

الترجمة ليست بمعناها السطحي الساذج ترجمة كلمة بـ كلمة، بل هي فهم واستيعاب للعمل الأصلي، وإضفاء لمسات خاصة تكشف موهبة المترجم وترعى وتحمي روح العمل الأصلي من أي تشويه أو تأويل . وكأنك تنفخ فيه روحاً جديدة بملامحه الأصلية والأصيلة، وتعلمه لغتك لينطق ويُقرأ بها بمتعة وشغف وانفعال.

هل لكم أن تتخيلوا مترجماً في عمله؟

أراكم تتخيلونه منكبّاً على قواميس ومعاجم يبحث وينقب عن كلمة هنا وعبارة هناك؛ إنّ الأمر يفوق ذلك بكثير إنّه كلعبة الصبر!

 هل ترغمنا ملكتنا في الترجمة على التدخل والتطفل على أسلوب النص الذي بين أيدينا؟ هل ستعلو سبابة أحدهم ليشير إلينا وينعتنا بـ “المترجم الخائن” كما سمّاه وطرحه بأسلوب رشيق و/مشاكس/ الكاتب /فواز حدّاد /في روايته التي تحمل ذات الاسم؟ ربّما! لكني أتساءل عن نصوص قرأتها بلغتها الأمّ ثم قرأت ترجمتها ورأيت كيف يمكن لمترجم أن يشوّه أو يبتر أو يجير نصّاً أو يحرّف جملةً، أو يغيّر اسماً ليتناسب مع عقيدة أو ميل أو نزعة؟

هل أنت من تختارين الترجمات أم أنك تقومين بترجمة أي عمل يُطلب منك؟

 بين هذا وذاك، فقد يُطلب من المترجم ترجمة كتاب أو نص أو مقال لا ينسجم معه بالضرورة، ولكن أضع ذلك جانباً فهذا عملي. وأبدأ العمل، في معظم الأحيان يعجبني النصّ الوليد، لأنّي أراه يحاول إقناعي بفكرة ما. معظم الكتب التي ترجمتها أحببتها وأضافت لي الكثير من حيث الفكرة أو من حيث التأثير الوجداني. أما عندما أختار الكتاب وأرشحه للترجمة والنشر، فهذا يعتمد على قراءة متمهلة، وسبر لأغواره ليفوز بالترشيح. أعتقد أن هناك الكثير والكثير من الكتب التي تستحق الترجمة. ولكن الأمر محكوم بدور النشر وليس بالمترجم.

ما هي الصعوبات التي تواجه المترجم وكيف يمكن تلافيها؟

 الصعوبة الحقيقة أمام المترجم السوري تحديداً هي إيجاد فرصة، فمعظم دور النشر الجيدة تعتمد على مترجمين محدّدين دون إتاحة المجال أمام المترجمين الجدد لدخول الساحة بقوة، وهذا ما يذهب بمعظم المترجمين الأقوياء جداً للترجمة القانونية والتجارية التي تعتمد العمل عن بعد. فالمترجم يعتمد على عمله ودخله للعيش. وكل يبحث عن فرصته. وبالرغم من ذلك إنّ مهمّة الترجمة أن ترتفع ببصائر الإنسان وأن تهبه شيئاً من الرؤية الغيرية ومادام للترجمة هذه القدرة فإنها أمل في إزالة الحواجز وبناء تواصل إنساني أصيل.

مهى الشريقي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار