بين الشط والجبل..غداً الشام قافلة من الشعر والسنابل

الوحدة 18-1-2022

لا تدع يدك ترتجف, وأنت تمدها إلى دالية السماء, لتقطف عنها عناقيد الشعر واحداً بلون الشفق.. واحداً بلون القمر, وآخر بطعم الحنين, لمن بعثرتهم رياح الحقد, وشتّتهم سواطير هولاكو وحراب جنكيز خان والأحزمة الناسفة للنازيين الجدد, بين موج البحار وزبد المنافي..
لا تدع روحك ترتجف.. ثمة من ينتظرك تحت سقف السماء الساطعة بالنجوم.. ثمة طلائع غيم يبشر بالمطر..
الشعراء مطاردون في كلّ الأزمنة.. يحاصرهم الفاجرون, إذا ما تعرت بين كلماتهم الحروف..
عندما تذبل نجمات الحروف, الخاسرون دائماً.. القصيدة, والحبُّ والإنسان, والوطن.
يبتعد الظلام, وتنطلق الزغاريد, وتشتعل الميادين بالأعراس وتغني الصبايا للقمر, وقت يرفل بيت الوطن بالضوء, وتُضاء سماؤه بقناديل الشعر.
ينتشر الظلام, ويعمُّ الخراب, وقت يضرم البرابرة, المندفعين كالتيوس بيت الوطن بالنار والموت.
***
تعالوا نرتب سرير الشام… تعالوا نغطيه بأشعار نزار قباني ومحمد مهدي الجواهري الغافيات تحت ثراها, كبقية الأنبياء والصالحين الذين على غوطتيها ذات حبّ, واغتسلوا بـ (بردى), وتطيّبوا بعطر ياسمينها الجليل..
يخبو عزف الكمنجات, والعرب الخارجين من الأندلس ينتظرون رسالة من محمود درويش, تطمئنهم عن أحوال قرطبة، تعالوا : انظروا الدم في الشوارع..
أيها الشعراء.. أيها الأدباء, والمغنون, تعالوا اكتبوا وغنوا: الشام لا يليق بها سوى سوار من ياسمين, وزنار من حبق يطوق خصرها.. كلما أقبل شتاء وأدبر خريف يعتمر حرمونها قبعة من ثلج..
تعالوا.. افتحوا أدراج التاريخ.. هنا مرّ غزاة.. هنا أقام الكثير.. الكثير.. من آلاف الشعراء والأنبياء.. هنا صلى المطر.. وهنا كم من غيمة عابرة, أغواها قاسيون بالهطول.. وكم ردد قول البدوي:
ذرت السنون الفاتحين كأنهم رمل تناوبه مهب رياح
وهنا.. بين ردهات هذا القتل الرجيم, كم من روح زهقت ؟ وكم من زهرة لله لوثت بدم بريء؟ كم من دم سفح في هذه الشوارع.. كم من قصيدة, وعصفور, ومغنٍ بعثرتهم العبوات الناسفة ؟ كم من نار أشعلت على التلال, لتوقظ هدهدات أمهات كنّ على حدود الحنين, ينتظرن عودة فلذات أكبادهن من ميادين الحروب شهداء ومنتصرين..
تعالوا.. هنا سنضيء القمر, على شرفات الشام, كما أضاءه (لوي أراغون) عشية خروج النازية من باريس، حيث أنشد: هذا اليوم أضأنا فيه القمر..
غداً سنضيء القمر, وغداً سنطير الحمام في سماء دمشق, وسندحر النازيين الجدد.. قتلة الشمس والحياة..
غداً.. غداً, تعود الشام, قافلة من الشعر, والسنابل, والهديل.

بديع صقور

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار