الوحدة : 7-1-2022
يبدو أن مجتمعنا بشرائحه المتعدّدة وصل إلى مُفترق مصيري، حدّه الأقل خسارة هو الاستسلام للواقع المُعاش، وانتظار قُدُرات وحلول سحرية لانتشال هذه الظروف من مأساويتها وسوداوية مصيرها المجهول، لقد بدأت تظهر على العلن كثافة الهاربين من هذا الواقع المرير تحديداً من فئة الشباب، حيث أخذت تستشعر خطورة السنين المسروقة من أعمارها عبر حرب عبثية أطاحت بالكثيرين، حطّمت أحلام ومقدّرات كنّا نتغنّى بأمجادها.
لقد بات على هذه الشريحة الشبابية تأمين الجزء المتبقي من عمرها وذلك عبر الانطلاق خارج البلاد التي أنهكتها سِنوات الحرب والحصار، تاركة الفقر والجوع على مُحيّا الكثيرين من أبناء البلد المُعدمين المستسلمين لواقع الراتب المنهك، غير قادرين على تأمين مستلزمات السفر وتكاليفه المُتعِبة ثُمّ الاتجاه إلى وضع تلك الأقدام في الموطن الجديد الغريب، لتبدأ منه حكاية البحث عن العمل بكل الوسائل.
لقد أصبحنا نرى سفر شباب مهندسين وأطباء والكثيرين من الشباب عمّال الأعمال اليدوية الشاقة، حتى أن هناك خرّيجات إناث من ذوات الاختصاصات المتعدّدة، يبحثن بكل قناعة وبسالة عن طُرق السفر المجهول، لعلهم يعيدون لذويهم القليل من النبض المفقود، نبض الأمل باستمرار الحياة، ضمن بوتقة من الغلاء وقلّة الحيلة، غير آبهين بما يحاك لهذه البلاد من سياسات مرعبة عبر تجويع أهلها وتهجيرهم، وبث التضليل الاقتصادي الفارغ ليكون الذريعة الكبرى لترك الوطن، وبالتالي تنفيذ الغاية الأسمى لقوى الطغيان وأدواتهم الرخيصة وتحقيق هدفهم بتفريغ البلاد من محتواها البشري المتعلّم صاحب الخبرة والموهبة الباحث عن رزقه الضائع خلف سياسات مُحاصرة مُنهكة، فهل سنشهد قيام العَجَلة الاقتصادية المتطورة، الركيزة الكبرى للاستمرار والبقاء، من خلال عودة معامل ومصانع الدولة، واستعادة السِلل الغذائية بأنواعها، وكذلك الورقة النقدية وهيبتها، وإشهار سلاح عودة المهجّرين بقوة، للانخراط ببناء الحجر والبشر وإيقاف نزيف الهجرة وعودة الاطمئنان إلى النفوس؟
سليمان حسين