وقال البحر.. احترام الوقت

الوحدة 4-1-2022

 

 تُعتبر أظهر العيوب التي تتمحور حولها معظم سلبيات الأداء هي عدم تقدير قيمة الوقت مقارنة مع كل ما سبق ضمن مضمار التطور العصري وهذا الأمر يُعد شديد الخطورة وبالغ الأهمية ويستحق أقصى درجات الوعي والانتباه والاهتمام منذ نعومة الأظافر، وتُعتبر فعلاً لحظات الحياة هي الشعور بنبضات الزمن التي يظهر وقعها في كل التغيرات التي تجري في العالم الداخلي (النفسي) والعالم الخارجي (عالم الأشياء والوقائع) على السواء. الزمن نسبي كما هو معلوم حيث أن لكل عالم زمناً محلياً خاصاً به وفي الوقت الحاضر هناك أزمنة متعددة: – زمن طبيعي تجري في رحابه الظواهر الطبيعية. – زمن بيولوجي يتعلق بذات الإنسان ككائن عضوي يتكون من خلايا حية. – زمن نفسي داخلي يتعلق بالحياة النفسية والمشاعر الداخلية. – زمن تاريخي يتعلق بكل ما يصنعه الإنسان في شتى الحالات الاجتماعية عبر مسيرته التاريخية. وهذا الصنف الأخير هو الذي يمس الإنسان بشكل أعمق من غيره لأن له علاقة مباشرة بقيمة الحياة والمُنجزات والطُموحات، ويتفق الجميع على بدء اكتساب ذلك الوعي بالتغيرات في فضاء العالم المُجتمعي المؤثر بالكيان الذاتي منذ المراحل العُمرية المُبكرة وينمو حسب آلية تعامل الذات البشرية مع المحيط. يشهد العصر الحالي ثورة في ميدان الزمن ويبرز جلياً دور التربية الوقتية والمقصود بها تلك العملية التي تقوم على إكساب المرء وعياً بالزمن وأهميته عبر تلقينه الوسائل النظرية والعملية الكافية لتنظيم أوقاته وتصريفها تصريفاً إيجابياً وفق أهداف وغايات تُحددها فلسفة المجتمع وتخطيطه التنموي، وذلك حتى يكون مُهيأ للمُساهمة في حل مشاكل مُجتمعه وبحثها ودراستها ملياً، وبما أن الإنسان يعيش في عصر تُسيطر عليه التكنولوجيا وآلياتها ووسائطها وأدواتها بشكل شبه تام فما أحوج المرء في هذا الظرف إلى خطة ومنهج يتعلقان بترشيد هذه العملة النادرة التي هي الوقت ويتناسبان مع مواجهة التحديات العاصفة بشتى ظروف الإمكانات وطبيعة الاحتياجات. عموماً لا أحد يستطيع إنكار الدور الذي تلعبه معظم وسائط التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في حياة الناس هذه الأيام خصوصاً كعامل هام ومحوري من عوامل النمو والتطور، ولكن من جهة أخرى يجب ألا يغيب عن الأذهان أنه لا يمكن لهذه الوسائل مجتمعة أن تُؤدي دورها إلا بوساطة عقلية وذهنية تحسب للزمن حساباً وللوقت تقديراً، ولا يمكن الإنكار بأن هناك ثروات مهمة و طاقات رائعة لا يُستهان بها تُهدر وتذهب سُدى في عموم المجتمعات لا لسبب إلا لعدم تقدير أبنائها لعامل الوقت ولتلافي ذلك فيجب على كل الأجيال الحالية وحتى المُستقبلية إدراك قيمة الزمن والوعي بخطورة الوقت لأن الحروب الطويلة المُنتظرة في قادم الأيام هي الحرب ضد الوقت.

 د. بشار عيسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار