الوحدة: 27-12-2021
الفساد وحشٌ لم يعد نائماً، هذه حقيقة نضطر للتعامل معها، بعد سنوات تمنينا خلالها ألا يستيقظ هذا الوحش بهذه الطريقة..
الفساد بات (لوحة تزيينية)، في كل مكان من حياتنا تقريباً حتى في علاقاتنا الاجتماعية التي كنّا نعتبرها (حميمية) وصادقة!
الأمر ليس غريباً، فعندما تتزاحم الأولويات، ويصعب تأمين أيّ منها، وتصبح لقمة اليوم عنوان كلّ همّ ومسعى، فمن الطبيعي ألا نتحدث عن القيم العليا (ثقافة، تعليم، علاقات اجتماعية)، وأيضاً سيخفّ الحديث عن (الفساد) باعتباره ثقافةً منتجةً من رحم هذه التناقضات والصعوبات، فكيف مجابهته؟
الفساد ثقافة أنتجتها الفوضى، وغذّتها التناقضات، ودعمها ضعف المحاسبة، أو ربما عدم وجود وقت للمحاسبة، أو عدم قدرة أي جهة على المحاسبة، وكلها عوامل فرضت علينا أن نتحدث عن الفساد ونتعايش معه وكأنه (مزهرية) في ركن من زوايا بيتنا.
طرح فكرة محاسبة الفساد حالياً تشبه إلى حدّ كبير فكرة السؤال عن مخصصات كل فرد من اللحم والسمك، أو عن حق المواطن في يوم عطلة مموّل على حساب الجهة التي يعمل بها، وبنفس الوقت فإن الانتظار، واستمرار التعايش مع هذا الفساد سيراكمه، وسيحوله إلى جبل من الصعب إزاحته لاحقاً و(حالياً)، لأن الفساد ليس في بدايته وليس نبتة غضّة!
السؤال الأهمّ: مَن سيحارب الفساد، وهل توجد جهة بريئة من الفساد لتأخذ هذه المهمة على عاتقها، وإن وُجدت، وبدأت المهمة، ألن تتعرّض إلى محاولات إفساد عملها؟
كلّ شيء وارد، لكن الأكيد إن ما وصلنا إليه تجاوز كل الخطوط التي كنّا نعتقد أنّها حمراء!
من يدفع الثمن غالياً هو المواطن العادي المسلوب من أي قدرة على مكافحة الفساد أو حتى ممارسته..
والحلّ، دعم هذا المواطن مادياً ونفسياً وتهيئته لحماية نفسه من تبعات هذا الفساد، وحتى لا يتحول إلى رقم جديد في طابور الفاسدين.
بقلم رئيس التحرير غانم محمد