الوحدة:23-12-2021
يتنقل الناس من الأرياف إلى مدينة طرطوس بحركة دؤوبة يومية، تتحول المدينة الخالية من الناس إلى ما يشبه خلية النحل منذ ساعات الصباح المبكرة. وسيلة نقل الناس الجماعية و الوحيدة أصبحت السرافيس، بما لها وما عليها: ضيق المقاعد، قدم السيارات، مزاجية السائق، رعونة البعض، سرعات جنونية تسبب الكثير من الحوادث، سيارت متسخة، ضجيج وغناء بشع، مقاعد ممزقة… الخ. لا يخلو المشهد من بعض السرافيس الأنيقة، النظيفة من الداخل والخارج، طبعا هذا سببه ان السائق أوصاحب السيارة صاحب ذوق جميل يعي أن سيارته هي مصدر رزقه فيعيرها كلّ الاهتمام. يستطيع أن يلحظ المواطن أن الخطوط الداخلية للمدينة أصبحت تعاني من التعب والاهتراء وأصبح ذلك من الأمور البديهية والعادية، لكنّ ذلك يلفت النظر، يوجد استهتار سببه غير مفهوم، و تطنيش لايصب في مصلحة الراكب و راحته، ربّما لا يتمّ متابعة شكل السيارات العامة من الداخل رغم أهمية ذلك. بالتأكيد ليس الجميع على قدم المساواة، فأصحاب الذوق الرفيع يحرصون على ترك سياراتهم مرتّبة أنيقة شكلاً ومضموناً. هذا من جهة. أما من جهة أخرى.. خط سرافيس طرطوس- السودا- الملوعة هو من الخطوط الخارجية النشيطة بين المحافظة والريف، يبدأ هذا النشاط منذ ساعات الصباح المبكّرة 5.30 يرسل الفلاحون منتجاتهم مع السرافيس لتصل طازجة للناس في المدينة الكبيرة. الركاب يتقاطرون بالعشرات والسرافيس تقلّهم إلى أعمالهم، قد تضيق السيارات بركابها لكنّها “بيت الضيق” تتسع لأضعاف العدد، الكل راضٍ همّه الوصول إلى مقصده، حين يعود السرفيس من المدينة في “الصباح” ربّما تكون بعض مقاعده خالية لأن حركة الركّاب وعودتهم تكون بعد الظهر إلى قراهم وبيوتهم المنتشرة حول المدينة وفي الضواحي والأرياف. رحلة العودة هذه تتم بنفس اليسر والانسيابية، وربّما تضيق بعض السيارات بركابها، لكنّها ذات القناعة والرضى يطبعان المشهد، فلا مشكلة، ولسان حال الناس يقول: “أحسن من هيك ما في”. مشكلات سرافيسنا كلّنا نعرفها ومزاجيات بعض السائقين يمكن التغلب عليها برحابة الصدر وبالعفو عند المقدرة، وإلا بالشكوى لشرطة المرور وهي أنجع دواء. وعند المساء طرطوس إلى عادتها خالية من الناس والحركة والسرافيس.
أحمد كريم منصور