العدد: 9316
الأربعاء-20-3-2019
عبرت كحلم حاملاً همّي ومضت تهز الرّوح في دمّي
وتعطرت مثل الصباح نديّة وتسمّرت ترتاح في شمّي
وتأنقت كالطير عابرة على درب اللظى مغلولة الفمّ
فتفردت كالشمس باسطة هوى تعبى كعصف الريح في لمّي
أنت السعادة الحياة وبعدها أمي الهدى أمي الندى أمي
بأي مفردة تبدأ الكلمات ذاتها، وبأي مفترق طريق تسير قوافل العطر وزرق الغمام، أم بأيّ بارقة أمل تلوح من على جنبات الزمن وقد عبر الزمان بها وبقينا حيارى ننتظر ومضة أمل وبوح عطر وتفتق صبابة كانت على دفق الهوى وبوابة الريح عابرة إلى الملتقى، إليها إلى من هي أكبر من الوصف وأبلغ من البلاغة وأعجز على الإيضاح من ذاته، إلا وإنها ونعم الذكر وخير الذاكر، على فم الطفل نسمعها موسيقى أنين فيها بحّة الناي واصطكاك الماء بثلج قُدّ من جبل الله وجبل التائبين، أمّي ويبلغ بي اللفظ غرور الغيم وتحليق الشاهين، حيث المدى وحيث يحلم الحالمون، أمي وتسكب السحاب الحبلى خيراً في صحارى التائهين وتلبس الصخر روحاً والليل أنساً والعذابات فرحاً والمرارات أملاً في طريق السائلين.
تأخذين من هنا لتعطي هناك، وتعطشين لترتوي ياسمينة الصبح وحساسين السواقي وغلال الناظرين، أمّي وتصغر الدنيا وتكبرين ألماً وأملاً، حبّاً وعملاً، فريحانة الدار لا تبرح تربتها حضناً يحوي الجميع وينسى ذاته ويندلق في خوابي البيت كرماً على درب، به المشتهى وله العطاء وحدوده أكبر من الأرض وأبعد من السماء، فلك في يوم ذكرك العطر وكل يوم بعض مما أتقن الله بناءه فيك لنا، ولك الحب في زمن البغضاء وبك ومعك نعبر إلى حيث زرعت عرائش لنا على حبال السماء وامتداد الأرض، لك أول الكلام وأوسطه وخاتمته، لك الحب وأكثر.
محمود شاهين