ستذكرها متأخراً

العدد: 9316

الأربعاء-20-3-2019

 

 

يمضي قطار الحياة مسرعاً ويسبق أمنياتنا بالعودة للزمن الماضي لنمحو بعض اللحظات العصيبة التي رسمتها بصمات الشفاه القاسية على من أهدانا نعمة الحياة وعلمنا كيف نخطو في مساراتها.
ذاك اليوم شاهدت شاباً في العشرين من عمره يتبادل نقاشاً حاداً مع والدته التي كان يرتجف صوتها من شدة الحزن والخوف ألا تنال مطلبها من ابنها الوحيد قائلة: يا أمي ابتعد عن رفقتهم وسمعتهم السيئة وانظر إلى مستقبلك، فأنا لا أملك سواك في هذه الدنيا ومحبة الوالدين لابنهما تكون محبة صادقة ولا يريدون مقابلها منك شيئاً، فنظر إليها نظرة ممتلئة بالسخرية قائلاً: أنا لست صغيراً، كفاكماً خوفاً لا معنى له وأنا قادر على فهم الحياة ولست بحاجة إلى ملاحظاتكما اليومية، وتدقيقكما الشديد فازداد غضب الأم مما سمعته وصرخت قائلة: لن تخرج من المنزل دون أن تعدني بأن تنفذ ما طلبته منك، فنهض الشاب بكل برودة دم وخرج من باب المنزل وفي لحظة إغلاقه الباب ارتسم على وجه الأم تعابير الخجل من وجودي ورؤيتي لما حدث واحمرت عيناها وامتلأت بالدموع.
فهذا المشهد أدخل إلى قلبي خوفاً من الأمومة وتضحيتها، فأقول: انظر أيها الإنسان ضرير الفؤاد أيا يكن ذنبك ارحل ليديها وقبلّهما طالباً برجاء المغفرة قبل أن يفوتك قطار الحياة وتفارقك فحينها لا يفيدك الحزن ولا المعذرة. فالزمن كفيل بأن يذكرك بخوفها عندما ترزق بطفل.

فداء محمود محمود

تصفح المزيد..
آخر الأخبار