بين جيلين..

الوحدة: 6-12-2021

 

صادف مروري من أمام إحدى المدارس القريبة من منزلي خروج الطلاب إثر نهاية الدوام المدرسي.

توقفت برهة أرقب وجوه و تصرفات الطلاب، لم تسعفني الصدف سابقاً أن أفعل ذلك منذ زمن ليس بالقريب.

عادت بي السنون إلى مدرستي ورفاقي على مقاعد الدراسة يومئذ.

حصلت مقارنة عفوية سريعة في الثياب والتصرفات وحتى في سحنة الوجوه.

 وما أثار دهشتي حقيقة الجرأة السافرة التي وجدتها في عيونهم و في تصرفاتهم.

تغير كبير بين جيلين مختلفين، هل هذا شيء عادي تفرضها طبيعة الزمن؟

أم هي ظروف البلد الحرجة التي نشأ خلالها هذا الجيل؟

هل كنا بسيطين و ساذجين حيث كانت حياتنا خالية من التعقيدات اليومية و ثورة الإنترنت و ما رافقها من تغييرات غريبة على مزاجنا الجمعي؟

هل ظلمتنا بساطة الحياة يومها، أم ظلمت ظروف الحرب الجائرة هذا الجيل الذي تفاجأ بوضع حياتي لا يحسد عليه؟!

تساءلت و في داخلي كثير من الفضول هل ما زالت صداقات المقعد الدراسي عند هذا الجيل تدوم و تبقى إلى حين بعيد؟

هل ما زال للمعلم تلك الهيبة و تلك الرمزية المقدسة في يومنا هذا، سواء عند الطالب أو عند أهله؟

أو ربما تعقيدات و تغيرات الحياة قد نالت من هذه الرمزية بشكل أو بآخر.

أحسست أن فضولي هذا ليس في مكانه خوفاً من أن تفاجئني الحقيقة بأشياء لا تسر القلب و الوجدان.

هربت من نفسي و من أسئلتي الملحةـ و تابعت سيري متجاهلة صحوة ذاكرة حملتني بعيداً.

آثرتُ أن أحتفظ لنفسي بذكرياتي الجميلة عن مدرستي و رفاقي فيها.. عن أساتذتي الذين ما زلت أقف احتراماً و رهبة، و ربما لهفة لهم.

كم أنا مسكونة بالحنين لذلك الزمن الجميل بكل ما فيه من حزن و تعب.

يبدو أن كل شيء قد تغير أو كاد. و لكنها فرصة جميلة لأهدي رفاقي وقتئذ أمنياتي الطيبة أن تغمرهم الأيام بالفرح و قد بعثرتهم دروب الرغيف في كل صوب.

هي فرصة لأنحني محبة لكل من علمني حرفاً.. لمن منحني الأمان، و زرع في وجداني بذرة الصدق كما العلم.

محبتي لهذا الجيل الذي جارت عليه الأيام و أثقلت، و أمنياتي في قادم الأيام لأهل بلدي بالفرج العاجل، و بفرح غامر طال انتظاره.. السعادة لقلوبكم جميعاً.

نور محمد حاتم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار