الوحدة:29-11-2021
معذرة عبد الوهاب البياتي … أعلم أنني لن أتلقى جواباً منك, ومع ذلك, أسألك, وأنت البعيد في ديار الموت: هل حقاً, نحن من كسر ظهر القمر؟
“أي مهزلة هي الحرب … ما الذي صرت إليه الآن… تحت هذا المطر الحديدي… من النار والفولاذ و لدم… و ما الذي صار عليه من ضمك بين ذراعيه بكل حب … أهو ميت اختفى, أم ما زال حياً “
“جاك بريفير”
-1-
سبع سنوات أو تكاد… ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً, وربع يوم…
تغرب الشمس
تخرس النجوم
تخرس السماء/ الرصاص سيد الأرض/
يوم بيوم/ تسرقنا الحرب/
يوم بيوم/ أيام الحروب تتشابه/
يوم بيوم/ تطوي خيامها الريح, و تبددنا زوابع الموت/
يوم بيوم/ نتغسل بنهر الدم/ نعمد فيه الشجر و الندى, و الطيور…
يوم بيوم/ نجمع حنطة موتانا/ نكدسها في عنابر الأيام… كمؤونة للأبد
-2-
ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً, وربع يوم…
والحرب تشتتنا كغيم الجبال/ العمر باقة زهور من سراب/…
نهدل كالحمام / نبكي كالنوارس/ ننسج أكفاناً زاهية تليق بالنجوم/
النجوم لا تحتاج إلى كفن…/ النجوم تحب الرقص عارية على خشبة السماء/
تختال المراكب / ما أبعد البحر عنا/ و / نسري خلف قطعان السراب / ليس للسراب ضفاف/.
-3-
ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً وربع يوم…
العزيزون كالروح, أبناؤنا ” يمرون مر السحاب”
الطيبون كالماء, يغادرون محطات الربيع… ولا بدّ من مودعين…
أرواحنا / حقول, كسرت أغصان أشجارها القنابل/
أعمارنا / بيوت هدمتها مدافع الحرية/
رؤوسنا / حصدتها مناجل الحصادين, المهرة في جزّ رؤوس السنابل/
/ أمريكا تريد لنا السلام, و تغدق علينا أدوات القتل, وتابعيها الأعزاء/.
-4-
ثلاثمائة و خمسة و ستون يوماً وربع يوم..
ما زلنا نزرع موتانا حنطة على التلال…
في السهول, وعلى أطراف الرمال…
في أعماق الوديان, و على الضفاف…
في مقابر المدن المسورة/ تلك التي سورتها أيدي الخيرين/..
تلك التي مر عليها عابر غريب/ هزّ رأيه, ضاحكاً,
وقال: مقبرة مسورة؟! / ما حاجة المقابر إلى أسوار؟/
مادام الموتى الأعزاء نيام!
ما دامت رحى الحرب تدور!/ قد تضيق المقابر/
الأعزاء الموتى نيام, / النيام دائماً خاسرون/
آه! ما أكثر النيام!/ كل يوم يزداد عدد الموتى, الأعزاء النيام/
آه! كم في نهاية الحرب سيكون عدد الموتى الأعزاء؟!
بديع صقور