الوحدة : 20-11-2021
لكل إنسان شخصية تحمل ميزات مختلفة عن الآخر، تجعل له كياناً مستقلاً، ويبدأ التوافق والتنافر، بحسب معطيات الشخص النفسية والخلقية، فمن يناسبك لا يناسب غيرك، ومن يراكَ متواضعاً، غيرك يراك مغروراً، ومن يراك جذاباً غيرك يراك منفراً.
التجانس والتماثل في الحياة مختلف دوماً، فمن تراه ذا شعبية قوية، مع أن مقوماته النفاق وادعاء المظاهر السلوكية الحميدة، وقد يكون في الظل بغاية السوء، لكنه يملك أسلحة خارجية جاذبة للآخرين، عكس الإنسان الواضح الذي تكثر الاتهامات حوله لأن صراحته لا تعجب الآخرين، مع أنه في الداخل يحمل الفكر النقي.
مشكلة هي اعتقادك أن الجميع عفويون مثلك ، فلا تُصدم عندما تكتشف العكس، وفي هذا الزمان لم نعد نعرف كيف نتصرف وما هو التصرف الذي يناسب العصر الحديث، حيث حصل تضارب بين ما ترعرعنا عليه وبين معايير اليوم.
لا تعش حياتك لتثبت للناس حسن النية، لأنك لن تستطيع مهما امتلكت من قوة إرضاء كل الناس، لأن الذي يكرهك لن يتقبلك مهما فعلت وسيرى كل ما فيك سيئاً، ومهما قدمت له ستشعر بأنه لا يهتم، وكأنك مسخر لراحته وموجود لغرض محدد، وستكتشف أن البعض سيبقون يحبونك كما أنت بكل تفاصيلك وشخصيتك وبكامل عيوبك.
أيعقل أن يخسر الإنسان حلمه وطموحه ومستقبله، ويتخلى عن تحقيق أهدافه ورغباته من أجل إرضاء الناس، لأن الحصول على هذه الغاية لم تتحقق لأحد منذ بداية العالم، حتى الأنبياء بالرغم من تميزهم واصطفاء الله لهم، فأنهم لم يحصلوا على رضى الناس جميعاً.
أنت من ستعيش وأنت من سيموت وأنت من سوف يحاسب، كل الخسائر قابلة للتعويض إلا أن تخسر سنوات عمرك باحثاً عن رضى الناس.
والرغبة في الإرضاء والاسترضاء متجذرة بعمق داخلنا، إن هذه الرغبة موجودة منذ الطفولة، وبدلاً من إلقاء اللوم على نفسك لأنك لم تستطع إرضاء الآخرين، ضع حدوداً لنفسك، واحترم قلبك الطيب.
وفي الوقت الذي يمنحك فيه إرضاء الآخرين بعض الراحة النفسية، فإن تقويض راحتك الشخصية على المدى الطويل سيكلفك الكثير.
باستطاعتك أن تكون لطيفاً ومتعاطفاً وتحفظ كرامتك في الوقت ذاته مع تأكيد أولوية احتياجاتك الشخصية.
إن محبة الآخر شعور وإحساس محكومان بالتقلب والتوتر ككل المشاعر والأحاسيس، ولا يصلح أن يكون أساساً لشيء ننتظر منه أن يدوم للأبد.
والمشاعر بين الآخرين ليست سوى تفاعل كيميائي قد يتلاشى.
لذلك ما دمنا نتصرف بمنطق واحترام مع الآخرين، سيبقى الضمير مرتاحاً.
فقط أرضِ ربك ثم نفسك وخفف المجاملات المرهقة، ويبقى رضى الله والوالدين هو أهم رضى.
تيماء عزيز نصار