الوحدة : 20-11-2021
لعل قصة جبران خليل جبران الجميلة التي يقع فيها أحد أبطاله في الحب مع امرأة لم يجالسها ولم يرها، تمثل استشرافاً لما يجري اليوم في عالم الدردشة الإلكترونية وحكايات الحب عبر الانترنت… جبران أحب وهو في عرض البحر إذ عشق محبوبته من خلال تجاذب للأرواح في عرض هذا الفضاء تماماً كما يفعل أحدهم في أيامنا هذه عندما يقع (أو يتوهم أنه يقع) في الحب من أول نقرات على لوحة المفاتيح خلال دردشته مع شخص غير مرئي وغير مسموع من الجنس الآخر.
السؤال الذي يبرز هنا هو ما الذي يمنع احتمال مرور العواطف عبر أسلاك الكهرباء ونقرات لوحة المفاتيح؟
عودة مرة أخرى إلى جبران ألم يحب كاتبنا الكبير مي زيادة من خلال حبر بشكل كلمات ممزوجة بعواطف كل منهما؟ نعم لقد تطور تبادل الحروف إلى تبادل في المشاعر والغرام عبر محيطات وبحار، فوصلت إليه مشاعرها وهو في أمريكا ووصلت إليها مشاعره وهي في فلسطين، وبعد ذلك في مصر.
وعلى الرغم من أنهما لم يلتقيا أبداً فإنهما كانا عاشقين من الطراز الأول فما بالكم لو تيسرت لهما لوحة مفاتيح وأسلاك وشاشات وغيرها مما لدينا الآن؟
البعض يرى أن الحب يمكن أن يكتب له النجاح على الإنترنت إذا توافر الصدق بين الشخصين ويقولون بكل ثقة نعم الحب موجود على الإنترنت فما الإنترنت إلا وسيلة أخرى لنوصل بها مشاعرنا لمن نحب ليس من الضروري أن نرى شخصاً ما لكي نحبه لأننا أحياناً نحب أشخاصاً من دون أن نراهم…..
ربما يكون الأمر عبر الإنترنت مجرد إعجاب فقط وهذه المشكلة بات الكثيرون يقعون بها لاسيما الذين لا يجيدون التفرقة بين الإعجاب العابر والحب وقد يكون الإعجاب أول درجات الحب ولكن الصوت وحده لا يكفي كي يصنع لك حبيبة تعجب بها كما يعتقد البعض أن العين هي النافذة إلى مكنونات النفس فإما أن تؤيد ذلك الحب، وإما أن تنفر منه.
الآراء كثيرة حول هذا الموضوع إذ يرى الكثيرون أن علاقات الإنترنت علاقات هشة وسخيفة ولا تبنى على أساس قوي ويرى آخرون أن كل وسيلة اتصال هي باب مناسب لعقد صداقة أو حتى علاقة حب لكن شريطة أن يكون الشخص ذا بصيرة تجعله يستطيع التمييز بين الحقيقة والكذب وأن الإنترنت مناسب جداً لاكتشاف الآخر فهي تبقيهم بعيداً عن المؤثرات البصرية والسمعية وليس أمام الشخص إلا الإبحار في تعابير الشخص المقابل وفكره ولديه أيضاً الفرصة الكاملة لمتابعة الآخر متابعة يومية…
لمي معروف