الوحدة : 4-11-2021
-1-
“مطوفاً, أفكر في الكون, رأيت القليل الذي هو الخير يتقدّم بخطا ثابتة نحو الخلود… ورأيت الكثير الذي هو شرّ يمضي سريعاً: ينحلّ ويتبدّد, و يموت.”
” والت ويتمان”
مثلما دوّنت اسمك على لوح من الطين, و مثلما استبدلت الخير بالشرّ, تنشقت الهواء المشبع بدم ضحاياك… وقبل أن تتبدد سريعاً تحت عتبات السيوف, تطاولت كسحابة من دخان و كدخان قليل تلاشيت مع الغبار ..
رجعت مثلما كنت….
في حضرة القمر رجعت ضعيفاً كعلقة…
في حضرة “الغجري العجوز” عازف المزمار, تلاشيت بعيداً عن نغماته الساحرة..
“الغجري العجوز” لم يمتثل لأوامرك بالتوقف عن العزف, لأنه كان يدرك أن الأشرار لا يحبون الموسيقا, ولا يحبون الغناء.
-2-
” و لأجلك سأقطف من نجمة الشروق إكليلاً ذهبياً و سأجمع ندى الليل من الزهور, و أرشه عليك”
“ميخائيل ليرمنتوف”
حيث القمر يسطع, وحيث ندى الليل على شكل إكليل جميل… وحيث النجمة تراقص جارها القمر, الزهرة تختلس النظر- على غفلة من الليل – لترش ما جمعته من عطر على وجوه الصغار, الهائمين في غابة الليل هرباً من الرصاص.
ذات عشية… مثل كل العشيات, كانت جدتي تكرر الحكاية عن ” سفر برلك ” وجور الأيام وبلوى الحروب…
إيه! كم كانت تلك الأيام ظالمة يا جدتي ؟! في الحروب يتلاشى العطر, و تذبل الأكاليل … تشرق الحكايات بالدمع , و تموت الجرات قبل أن ينتهي الليل و تختم الحكاية, قبيل طلوع نجوع الشرق.
-3-
” إن آل ” بوينديا ” عاشوا في العزلة, لأنهم غير قادرين على الحبّ “.
“كارسيا ماركيز”
لو كنت حياً يا صديقي ” ماركيز” لباشرت بإحصاء من يشبهون آل
” بونيديا” في هذا العالم…
أعداد لا تحصى من آل” بوينديا” أخذوا يزحفون في غابات هذا الشرق, فاقدين القدرة على الحب …
صديقي “ماركيز” أبعث لك برسالتي هذه متضمنة السؤال الآتي: كيف سنقنع من يعيشون في عزلة أن يتخلوا عن عزلتهم, ويعودوا إلى الحب…
أنتظر منك الجواب , أنا الساكن هنا, في هذا الشرق.
-4-
” يجب ألا يموت الأطفال… هذا العالم يعتقد فيه بقاعدة, إما أن تأكل أو أن يأكلوك, وعلاوة على ذلك, و يقولون لك: “افترس أو يفترسوك”
أنطونيو بوير باييخو
أول ما تطال مخالب الحروب, أعناق الصغار… آخر ما يبقى في ميادين الحروب رماد عيونهم .
بديع صقور