الوحدة : 4-11-2021
ربما، لأننا عشنا حصار الثمانينات من القرن الماضي، وعبرناه إلى ما هو أفضل، أو ربما لأن جلدنا (سميك) جداً، ولأن قناعاتنا بما نؤمن به ليست موضع مساومة، أو ربما لأننا بسطاء جداً ونقبل باي شيء، أو ربما لأنه تحدّي الذات قبل أن يكون تحدياً للآخرين (وليس شرطاً أن يكون الآخر خارجياً) أو ربما لأنه اجتمعت فينا كل هذه الاحتمالات، مازلنا على قيد الحياة، ومازلنا نرغب منها بازدياد..
قسم كبير منكم لن يتابع قراءة هذه الزاوية بعد هذا الاستهلال الخطابي المملّ، وهذا حقّكم، لكن تابعونا حتى النهاية، مع الاعتراف بأن ما سنقوله هو رأي قد لا يقنع الكثيرين..
منذ متى لم نعد نسمع شكوى من تذبذب ساعات التقنين الكهربائي، حتى في هذه الفترة التي عادت فيها الكهرباء إلى (1 تغذية و5 قطع)؟
أما خفّ الضجيج حول الخبز، وكل مجلدات النقد للتوطين ومفرداته باتت في حكم النسيان!
منذ متى لم يعد يطالب أحد بزيادة الرواتب، وهل تابعتم انخفاض منسوب الاحتجاج على رفع سعر أسطوانة الغاز؟
لم يتحسّن دخل المواطن، والخدمات تحلّق سعرياً وإلى (ستين جهنم) إن جاءت الكهرباء أم لم تأتِ..
أين اللغز، وهل لـ (السحر) دور في هذا الموضوع؟
إن لم تقتنع من تلقاء نفسك أنّ الحكومة في خدمتك ليل نهار، ستأتي الوقائع لتثبت لك ذلك… هي خوارزمية ليست منضبطة، ولكنها تحدث أثرها المطلوب، وحنى لا نغرق في التفاصيل، أليس حلمنا جميعاً أن تثبت الكهرباء على (2 تغذية و4 قطع)، أليس هاجسنا أن تثبت الأسعار على ما هي عليه من جنون لنعرف كيف نحسب حساب اليوم الآتي، أليس كل انتظارنا أن تزيد الرواتب ولو 10%؟
والضدّ يظهر حسنه الضدُّ… تذكرنا وزارة الكهرباء بأيام كانت الكهرباء (لمعة بسبعة)، فنحمد الله أنها تأتي ساعة كاملة، وأحياناً ساعة ونصف فنصنف هذا الأمر تحت بند الإنجاز..
حتى عندما يرفعون سعر الوقود، فإنهم يقولون إنهم فعلوا ذلك من أجلنا ضدّ تجّار السوق، نحتجّ بداية.. نتأفف، لكن نستكين رويداً رويداً ونقول: 10 آلاف ليرة أهون بكثير من (100) ألف ليرة في السوق السوداء.. صحيح أن سعر أسطوانة الغاز ارتفع، والسوق السوداء بقيت، لكنك ستتعاطف يوماً مع (التاجر الأسود) وتقول: يا حرام، كان يربح في اسطوانة الغاز (60) الفاً الآن لم يعد يربح أكثر من (40) ألفاً، الحكومة تصدّت له، ومن الآن إلى آخر العمر ستقضي عليه بكل تأكيد.
جربّوا أن تفكّروا بعقل الحكومة فسترتاحوا بكل تأكيد (فسترتاحوا: الفاء استئنافية، ترتاحوا فعل مضارع يعني المستقبل مجزوم لا لأنه جواب الشرط وحسب، بل لأنه لن يتحقق من حيث المضمون، وعلامة جزمه حذف النون، ربما نحن..)!
بقلم رئيس التحرير غانم محمد