العدد: 9314
18-3-2019
المجموعة القصصية الأولى لزكريا تامر الموجّهة للأطفال حملت عنوان (لماذا سكت النهر؟) وقد صدرت عن وزارة الثقافة عام 1973 وتضم اثنتين وخمسين قصة بعضها قصير جداً وبعضها يجنح إلى الطول.
وقد نشرت القصص في مجلة أسامة التي صدرت عام 1969 وقد كان زكريا تامر رائداً في أدب الأطفال هو وعادل أبو شنب وسليمان العيسى ودلال حاتم ولحق بهم أدباء آخرون منهم ليلى صايا وعزيز نصار ومحمد قرانيا ونزار نجار وسواهم.
وقد جاء في تقديم المجموعة القصصية أنه في عالم الأطفال الواقع خيال والخيال واقع النبات، الحيوان، الموجودات الصمّاء، كائنات حيّة لكلٍ منها لسان تاريخه وأساطيره، والطفل يراها، يشمّها، يتذوّقها، يتحدث إليها وتتحدث إليه.
وقصص الأطفال عودة إلى الطفولة، طفولة الإنسان، والأديب ينطق بلسان الطفولة، إنه يحيي الأشياءَ، ومجموعة (لماذا سكت النهر) لزكريا تامر باكورة أدب وليد لدينا أمّا ما سبق من نصوص في الكتاب المدرسي فهي أدب يعتمد الوعظ والتلقين والمباشرة ويفتقد الفن والإبداع.
في قصة (لماذا سكت النهر) كان النهر قديماً يتحدث مع الأطفال، وعندما أتى رجل متجّهم الوجه يحمل سيفاً منع الأطفال والأشجار والعصافير من الشرب زاعماً أن النهر ملكه وحده، وطلب قطعة من الذهب ليسمح بالشرب من الماء أقدم عصفور على الشرب فذبحه الرجل بسيفه فغضب النهر وامتنع عن الكلام وأقبل رجال يحبون الأطفال والعصافير وطردوا والرجل الذي يملك سيفاً، وعاد النهر يمنح مياهه للجميع دون ثمنٍ غير أنه ظلّ لا يتكلم ويرتجف دوماً خوفاً من عودة الرجل الذي يملك سيفاً.
في القصة تعليلٌ لارتجاف النهر، ودعوةٌ إلى أن تكون مياهه للناس، والكائنات جميعها.
يعيب القصة استخدام بعض المفردات الصعبة والعبارات التي تخيف الأطفال مثل (سارع إلى الإمساك بالعصفور وذبحه بسيفه).
وفي الواقع إن زكريا تامر كتب قصصاً للكبار وهي تصلح للأطفال مثل قصة (رندا) المنشورة في مجموعة النمور في (اليوم العاشر) فقد أعيد نشر مقاطع منها للأطفال.
ويميل القاص إلى المشاهد الحزينة فنهاية (قصة رندا تلعب) ظلت رندا تقف وحدها محنية الرأس حزينة، وكان يمكن أن يزرع القاص في نفسها ضوءاً أو أملاً.
ونهاية (قصة مغنّي القصور) هجر الهدهد الحقول والغابات وعاش في المقابر والخرائب، وفي قصة (جاء الجراد) تكون الخاتمة، (لم يجد أهل المدينة ما يأكلونه فأصاب أجسامهم الهزال والمرض وبات الموت يهددهم) والكتاب لا يحوي رسوماً مرافقة للقصص.
ونلاحظ بعض الأخطاء مثل (من يبغي الشرب يجب أن يدفع) والصواب (يبغِ) بحذف حرف العلة لأن الفعل مجزوم باسم الشرط، ومثل (يملك صوتاً جميلاً لا يجب، والصواب يجب ألّا) . . زكريا تامر أديب للأطفال والكبار وله أسلوبه الجميل المتميز.
عزيز نصّار