الوحدة: 12-10-2021
صاحب النمو المُستمر والأثر المُتسارع للإنترنت وعالم التواصل الاجتماعي تزايد الاهتمام بديناميكيات سلوكيات الأفراد وهم في تفاعل على الخطوط المتصلة بالشبكة مع ملاحظة الاهتمام العالمي بماهية الدراسات التي تقيس التأثيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لاستخدامات الانترنت إن صح التعبير على النسق المُجتمعي وسلوك الناس ضمنه أو التغييرات الحياتية الناتجة عن تطبيق مفاهيم ومصطلحات وآليات تكنولوجيات المعلومات والاتصالات مع الأخذ بالحسبان مُراعاة القيم الثقافية والضوابط الاجتماعية وكذلك المبادئ الأخلاقية للشرائح البشرية المختلفة والمناطق الجغرافية المتنوعة إضافة إلى عدم إغفال إيجابية توظيف تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في التصدي لمشاكل المجتمع المُتراكمة على كل المستويات وشتى الصعد.
استناداً إلى عبارة الحياة على الشاشة أداة لتحفيز الوعي وفي محاولة للتعرف بعمق على الكيفية التي غيرت بها وسائل التواصل الاجتماعي وأدوات تطبيقات الإنترنت لخريطة التفكير وتغيير العادات العقلية يُلاحظ بأن شكل حياة معظم أفراد الأسرة الآن أصبح على الشاشات حيث باتت الناس مخلوقات ميكانيكية مُكونة من خليط من البيولوجيا والتكنولوجيا والشفرات المُكودة، وغدت كل الكائنات الإنسانية في حالة تشابك تام ولصيق مع كائنات التكنولوجيا لدرجة الصعوبة شبه التامة في التمييز بين ما هو إنساني وما هو تكنولوجي ويعتبر ذلك توصيفاً ذكياً لحقيقة الحوار القائم بين عموم البشر على بساط عالم الإنترنت وتقنياته، ومن المعلوم للعموم بأن عملية تطوير وتحديث طبيعة شاشات التواصل بشكل تبادلي هي ابتكار تقني حفز بواسطة الرغبة عمل الأشخاص مُستخدمي الكومبيوتر وأجهزة الاتصالات بكفاءة أكبر وأعلى لتُصبح هذه النوافذ مجالاً قوياً للتفكير فيها كامتداد مُضاعف ومُتعدد للنفس البشرية التي يتوجب عليها التعايش والتأقلم مع التغييرات التي يُحدثها عالم الانترنت وشبكات التواصل في صميم العقول وكذلك تقبل واقع الحال على نحو مُخالف في كثير من الأحيان لما تعَوَد عليه المرء.
من المعلوم أن لارتفاع استعمال الانترنت وزيادة سوء استخدام تقنياته بشكل نهم وكبير تأثير فاعل وجلي في انتشار مشاعر الاكتئاب الحاد وأشكال العزلة الاجتماعية وأنماط الوحدة والتقوقع، وقد بينت بعض نتائج الدراسات التتبعية لبعض عينات عائلات عشوائية أن الاستعمال الزائد للإنترنت وتطبيقاته مُرتبطاً بعلاقة إحصائية مع انخفاض الاتصالات العائلية وتراجع التواصل الأسري وضعف الرقابة العائلية لناحية ارتياد مقاهي ومراكز الانترنت ونقص حجم الدائرة الاجتماعية المحلية للعائلة وإضافة لكل ذلك لُوحظ زيادة في الاكتئاب والوحدة وأيضاً انخفاض صور المساندة الاجتماعية الأكثر انتشاراً بين شتى فئات الشباب وكل ما سبق ذكره شجع علماء الاجتماع على عنونة مجمل تلك القضايا تحت عنوان اكتئاب الانترنت في إدمانه.
يحمل مصطلح جرائم الانترنت المُنتشر بشكل كبير في هذه الأيام كموضع اهتمام أغلب الدراسات والأبحاث عدة خصائص جديدة لمفهوم الجريمة وتتراوح بين الجنح الصغيرة والجرائم الخطيرة ومنها على سبيل الذكر الاحتيال والسرقة واستغفال الآخرين والإزعاج والاعتداء والتجسس والتهكم والقذف، بالإضافة إلى جرائم أخرى وبنمط مغاير كإساءة استخدام الشبكة وخرق جملة القوانين المعمول بها ويُحتم هذا الخطر المُتنامي من الجرائم عبر الانترنت الحسم والحزم في وضع الإجراءات التقنية والقانونية لحماية أي مستخدم من كل ما هو شاذ ومن أي نوعية عملية اختراق أو سرقة أو تدمير لأي معلومات قيمة ومهمة، وبالرغم من أن الحماية الذاتية عنصر أساسي وحيوي و لكنها غير كافية لكي تجعل فضاء الإنترنت وعالم التواصل الاجتماعي أمكنة آمنة من تأثير الجرائم الإلكترونية.
د. بشار عيسى