الوحدة:11-10-2021
كنا صغاراً نتخيل النجوم أحصنة بيضاً، نحلم في اعتلاء ظهورها للوصول إلى ينابيع السماء.. وكان أهل قريتي يعتقدون أن نهر قريتنا الكبير ينبع من بين أصابع الآلهة، ويهبط ماؤه من السماء ليسقي الحقول والجبال والينابيع.. كرومنا كانت تزهو بالمحبة وقت تتفتح الأزهار، وتقبل المواسم، ونبدأ الحصاد وجني العناقيد.. وننسى حكاية التعب هي أيضاً بيوتنا الطينية الفقيرة كانت تزهو بالأغاني والمواويل والضحكات ورجع نايات القصب.
×××
لماذا الحروب؟! في الحروب تصاب المقابر بالملل والضجر.. هل لأن الموتى يزاحمون الموتى في قبورهم؟!
لماذا لا نكون كالحمام.. نندي قلوبنا بالمحبة كي نبعث فيها أمل النهارات المشرقة الموردة بضحكات أطفالنا؟!
أليست الحروب هي من تدفن هدهدات الأمهات اللواتي كن يهززن أسرة فلذات أكبادهن ويغنين نومهن الهادئ الجميل.. متمنيات لهم أجمل الأيام وأجمل الفصول، وأجمل الأقمار
×××
لن تجدوني صباحاً في أي مكان، إذن كيف سنجدك أيها الشاهق كنجمة؟! في قصائد الشعراء؟ بين أصابع العازفين ألحان السعادة؟ خلف الشفق الفارق بين أصابع الموج؟! أم تحت سماء مزينة بأجنحة الأرواح التي قضت دفاعاً عن الحق والوطن؟!
×××
أود في عالمنا الدامي، أن أزرع وردة بيضاء على الأيدي الحرة، وأنا أتقاسم نصيبي مع الفقراء من زاد الأيام..
ونود يا صديقي أن نكسر معاً تلك الأيدي التي زرعت الأرض حروباً ودماراً.. وأن نزرع معاً ملايين الورود كي تتفتح بين أصابع الشعراء قصائد كثيرة عن الحب والسلام والإخاء نود معاً أن نضيء السماء بقناديل التسامح وهمسات النجوم للشارد من ريح
وكانت أجمل النجوم تلك النجمة الضائعة! كانت زينة السماوات نجمة المحبة تلك التي ما زال القتلة يحاولون اغتيالها ليعم الخوف والظلام
دائماً الأشرار هم من يبشرون الأرض بالسواطير والأحزمة والرصاص والقبور..
آه.. يا لهذه النجمة الحزينة متى فلتت من بيع أصابع هذا الركام؟!
متى تضيء هذه القلوب المعتمة؟! متى يبتعد الأشرار ويندحر الطغاة؟!!
×××
وها أنت يا الغريب زهرة على ثغر غيمة في العشيات ستمطر حكايات العمر وعذابات الجداول الضائعة في مياه نهر السنين
وها أنت يا الغريب ترد لي هموم روحي وتعيدني إلى ما جنته يداي من هواء.. إن بلدان الهجرة هي بلدان الحنين.. هناك في بلدان الهجرة، تغتسل الروح بنهر الذكريات.. وهناك في بلدان الهجرة يسترد الغريب عافية الطفولة والتراب والحنين.
وها أنت يا الغريب ترد لي لؤلؤة الغربة التي ضيعتها.. كما الطير الذي يضيع وجهته في سماء الخريف
وها أنت يا الغريب كما السغب المنسي، كلما اقتربت المواعيد طارت أسراب السنونو وحان وقت الإياب.
×××
شهقت الفراشة عندما ماتت الزهرة… قالت:
سأبني لك بيتاً من حجارة الريح، وهناك معاً سنسكن بيت الأبد.. خارج دائرة الرصاص.. قريباً من ضفة الغيم بعيداً عن غابات الذئاب.
بديع صقور