الوحدة : 2-10-2021
ليس الانقباض آفة اختص بها الكبار دون الصغار، بل هي علة تصيب هؤلاء أيضاً، والطفل المنقبض يبدي نفس المشاعر التي يبديها الكبير، ألا وهي مشاعر الحزن واستصغار الذات، مع اعتقاده بأنه ما من شيء في الدنيا يستحق العناء، و في الواقع، إن انقباض الأطفال يعد مشكلة غير مفهومة من قبل الكثيرين، وقد تصيب عشرة بالمائة من مجموع الأطفال ممن هم دون الثانية عشرة من العمر.
وإذا لم يعالج هذا الانقباض فإنه قد يصبح عجزاً يلازم الطفل طوال عمره، بل إنه قد يتطور إلى أمور خطيرة، ويجب علينا أن نميز بين حالات الانقباض المرضية وحالات الانقباض العادية، كأن يصاب الطفل بالاكتئاب مدة قصيرة إذا انتقلت أسرته إلى مكان سكن آخر، كذلك وفاة قريب، وقد يدوم الحزن أحياناً ستة أشهر.
حول هذا الموضوع (أعراضه، مسبباته، معالجته) كان حوارنا مع الدكتور بسام ديوب (طبيب أطفال) والذي أفادنا مشكوراً بالآتي:
الاكتئاب عند الطفل هو نفسه لدى الكبار المكتئبين، ولكن الفرق هو أن الطفل لا يستطيع دائماً الإفصاح عن مشاعره مثل الكبار، إذ يشعر بالحزن والانصراف عن الحياة، وضياع القيمة الذاتية، ويتجلى الاكتئاب عند الطفل بحب العزلة، والانقباض في ملامح الوجه، فلا يشارك الأطفال الآخرين في اللعب والتسلية، إذ يفقد الحماس لأي شيء وينعدم الطموح، وينخفض مستوى الدراسة عنده، ويكثر شروده، ويغدو دائم التذمر والشكوى والقلق والخوف العام من كل شيء.
أيضاً الطفل المنقبض متمارض دوماً، مع عدم وجود أمراض عضوية حقيقية، وأحياناً تظهر لديه علامات الغيرة وأحياناً أخرى يصل به الحال إلى حب الأذية لنفسه وللآخرين، وهناك نوعان من الاكتئاب: نوع هادئ، رتيب، ونوع آخر يتجلى بفرط الاستثارة وسرعة الغضب لأتفه الأمور ومن الأطفال المكتئبين من يعاني قلة الشهية للطعام، ومنهم من يأكل بشراهة تفوق الحاجة للطعام، ومنهم من يعاني الأرق الليلي والملل، السأم في النهار مع مزاج مضطرب، أما بالنسبة للعلاج فدور الأهل مهم جداً في هذا المجال، وعليهم أن يختاروا وقتاً مناسباً تسوده الراحة والهدوء للتحدث مع الطفل، وسؤاله عما يزعجه وإزالة حالة الاكتئاب عنه.
وبصراحة قد تكون المعالجة في منتهى السهولة ولا تحتاج لأكثر من رفع الروح المعنوية لديه عن طريق إطرائه وتأييده عاطفياً ومراعاته، وبثه مشاعر الحب والرعاية والاهتمام، وإذا لم تنفع هذه الأساليب واستمرت الأعراض فهنا لا بد من استشارة الطبيب النفسي، وفي معظم الأحيان يزول الانقباض عند الطفل عن طريق وصف أدوية مهدئة، أو المعالجة النفسية، أخيراً: أحب أن أنوه أن الطفل الذي له والدان أو جدان مصابان بالاكتئاب هو أكثر احتمالاً لأن يصاب بهذه الآفة.
رفيدة يونس أحمد