بين الشط والجبل ..آخر حديث لصديق

الوحدة : 30-9-2021

يحاصرني الذهول فأحاول الهروب إلى المتاهات النائية، وأروح أفتش عن دموع الأزاهير، لأغسل بها وجع القلب المدمى، فأكتشف أن مداد الدمع يطلق القصيدة، فترش أحزانها على الأفئدة التعبى، وتتجول في حواكير الضلوع، وإني لأعجب لهذا القلب كيف له القدرة على التحمل والاصطبار.
×××
من أين أبدأ؟ هم يقولون لقد انتهت البدايات، هذي الصباحات يكنفها نحيب الارتحال، والمقل دائرة فيما وراء الأفق الموشى بتلاوين الغروب.
×××
تتغالب الدمعات فيما بينها كل منها تريد بث أحزانها، وفي زحمة المطر يضوع عبق الريحان، أجهد نفسي لأصيح، فيتمزق صوتي، ويضيع في متاهات الأرق، فيزداد الجرح اتساعاً.
آه… ما أطول ليالي الشتاء الحزينة؟!
×××
ضاقت ساحات النهار، وغصت لهاة البدر، وانقبض صدر الجهات وأراني أسأل: كيف يتآخى الضدان؟ وأسأل: هل يجتمع الماء والنار في كفٍ واحدة؟ وأجيب: عندما تخلو القلوب من الحب تنصهر التضادات، تصير نسيجاً واحداً.
×××
في آخر حديث لصديق لي قال: لم لا نجد وقتاً للفرح؟ ولمَ لا يدعك الآخرون تفرح، وأنصت إليه، أبحرت في لجة عينيه، فأدركت أي عذاب يعتمل في صدره.
وتركته يتابع: لمَ يضطر المرء للرياء والكذب؟ للمخاتلة والمخادعة؟
أجبتهم جميعاً وكنت أود لو يبادلونني حباً بحب.. لمَ هم هكذا؟
ورأيت أن لابد لي من الكلام فقلت:
أثمة خطأ فعلته وأنت نادم لأجله؟
قال: معاذ الله.
قلت: ومشاعرك لاشك صادقة نحوهم.
قال: أجل والله.
قلت: لا بأس عليك لا تهدي من أحببت إن الله يهدي من يشاء.
×××
لمَ هو الحزن يحاصرنا، لمَ لا ندع فرصة للفرح تتغلغل في دواخلنا، أن تفرح يعني أنك سعيد والحزن آتٍ فلا تستعجلونه..

سيف الدين راعي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار