وقال البحر.. عداؤون فوق متن الرياح

الوحدة : 30-9-2021

ينابيع الحياة تجري.. قناديل السماء تسطع.. لك أن تروي ظمأك من أي نبع تشاء, ولكن حاذر ألا تلوث بقية الينابيع.. دعها تجري بسلام..
لا تلوث بدخان حقدك بيت الأرض… أينما اتجهت فثمة هواء.. خذ حصتك ودع ما تبقى لغيرك من هواء الكون..
×××
– عصفورك السجين داخل قفصه المعلق على جدار بيتك.. كلّ صباح يغني حريته.. إذا ما اجتمعت عصافير الغابة لتشاركه غناءه الحزين.. فلا تطلق عليها النار.
– تذود عن نعيم آخرتك بقتل الآخرين!. أية آخرة هذه التي ترتضيها لنفسك؟!
– ما من زهرة ترغب بأن يكون بحوزتها بندقية.. لماذا لا نكون كالأزهار, نمنح العطر والجمال, بدل من أن نكون سيوفاً مشرعة فوق رقاب العباد؟!
×××
ابتسامة على ثغر نهار… دمعة على خدّ جرح.. كلّما امتلأت محاجر السحاب بالدموع, تقترب من الأرض, لترخي حمولتها من الدموع كي تروي ظمأ الحقول والينابيع.. كلّما داهمها العطش.
×××
حينما يتوقف المطر, ويهاجر في البعيد, تشكو الينابيع تعب الجريان..
الأنهار تتوسل إلى الينابيع ألاّ تنقطع عن زيارتها أبداً..
×××
(ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل).. بالأمس كان يحلم برغيف وابتسامة, ويستأنس بنجوم الليل, وهو يسري فوق دروبه سعياً وراء حلم أكبر من نجم.. وحيداً تصحبه نجمة الصبح, صديقة القبرات وهمسات النسيم الشاردة.. واليوم يحلم بأن تتوقف الحرب, ويخبو صوت الرصاص, ويكفّ القتلة عن رشق أبنائه بزخاته الفاجرة, وتدمير بيته بالعبوات الناسفة.. وآه النابعة من قلبه المفجوع: إلى هذا متى الحطام؟! متى يعود ربيع الحبّ إلى ربوع أهله وأرضه؟! متى سيكون ذلك الغد الذي يعود به إلى أسفاره العذبة, كي يملأ سلته بعناقيد المحبة؟
ويعود مصحوباً بحراسة ضوء القمر, ووشوشة ناي تردد صداه الجبال،
حيث كان يحلم بربيع الحياة لا بربيع الموت..
×××
لم يكن يريد الموت لأحد: (أنا أبغض الموت اللئيم بغضي ضيوف مخاتل نصّاب
ذئب ترصدني وفوق نيوبه دم أخواتي وأقاربي, وصحابي) محمد مهدي الجواهري)..
وكملايين الغرباء مات بعيداً عن أرضه العراق, فاحتضنته أرض الشام, وثوى في ترابها المقدس.. مات وهو يلهج باسمه: (أنا العراق لساني قلبه, ودمي فراته)..
في مقبرة الغرباء, يرقد بسلام كبقية الأنبياء الصالحين, العابرين أرض الشام.
×××
(تلمسني يداك لمسة خالدة, فيطفر قلبي الصغير).. لو بقيت حياً إلى اليوم أيها العزيز(طاغور) لكانت خناجر العصر هي التي ستلامس صدرك، من أجل ألاّ تعاود الكتابة عن الحبّ الإنساني.. أبداً, لن يستطيعوا إطفاء قنديل أشعارك المعلق على سارية العالم.. هناك في (كلكتا) ينتظر طيفك عشاق السلام, في حديقة بيتك الزاهرة لتضمهم بين ذراعيك وأنت تبتسم.

بديع صقور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار