العـــــدد 9313
الأحــــــــد 17 آذار 2019
في الخامس من شباط من عام 2011كنت في (قطر) لحضور جلسات اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني، في الاجتماع، وكانت محطة الجزيرة القطرية تبث بشكل مباشر أحداث مصر وتونس وليبيا، دارت حوارات بيني وبين أعضاء الوفود, أجمع الحضور على أن هذا (التسونامي) لن يصل إلى دمشق، قالوا: (دمشق لديها القضية الفلسطينية، ولهذا لن يصلها هذا الربيع)، قلت: (لو كان هذا الربيع ربيعاً عربياً لكان يجب أن يبدأ من هنا، من صحارى نجد والخليج، هذا الوحش ستمتد أظافره إلى دمشق، لأن دمشق تحمل قضية فلسطين).
كل الأسباب لبدء الحرب الأمريكية الصهيونية الخليجية على سورية كانت قائمة، في الخامس عشر من آذار عام 2011 اشتعل الربيع الصهيوني، كانت أعواد اشتعاله الأولى في درعا، لماذا درعا؟
الذين أشعلوا النار يعرفون أن درعا منطقة حدودية تستطيع الجهات الداعمة توفير عناصر الاشتعال بسرعة وسهولة، كل المنافذ الحدودية مع لبنان وتركيا والأردن فيما بعد اشتعلت.
عشرات المحطات الفضائية (الجزيرة، والعربية، ومحطات الحرة، وال بي بي سي، وفرنسا 24) ومئات وسائل الإعلام الأخرى راحت في لحظة واحدة ، وفي خطاب متشابه فيه السموم الطائفية والمذهبية والسياسية والتحريض، والدجل والكذب.
بدا السوريون واجمين قلقين وكأنها الصدمة، بالفعل كانت الأحداث صادمة، أين الذين كانوا كالعرافين ينظرون في فناجين الواقع؟
كل شيء كان في قراءاتهم يعلن أن الوطن بخير، في مجلس الشعب التهبت الخطب، والمداخلات حول أحداث درعا، تحركت تظاهرات حاشدة في دمشق وفي مدن سورية أخرى تندد بالأحداث..
رأيت أحد الأطفال في تظاهرة بدمشق يريد أن يشتري علماً صغيراً لحمله،
عندما سأل الطفل البائع عن ثمن العلم اكتشف أنه لا يحمل المبلغ الكافي، قلت له: أنا سأدفع لك.
رفض الطفل وقال: (أنا لا أتسول ثمن علم الوطن).
كم كان هذا الطفل مدهشاً، لو كبر هذا الطفل وصار مسؤولاً، هل سيظل نقياً كما هو الآن، أم أن الفاسدين سيقتلون نقاءه؟
كنت على يقين أن دمشق ستنتصر على الحرب، صمود جيشها انتصار، صمود شعبها انتصار، صمود قائدها انتصار، صمود أصدقائها انتصار..
الحرب مستمرة، واليوم تأخذ محنىً آخر (اقتصادياً) إلى جانب المنحى العسكري،
فهمنا لحقيقة هذا التوجه من قبل الشعب والدولة سيكون انتصاراً يرسم مخارج سنوات الحرب الماضية واللاحقة.
سليم عبــــود