بين الشط والجبل.. شاطئ الأحزان

الوحدة : 29-9-2021

لم يكن عاديا هذا اليوم.. لم يعتد على هكذا صورة من قبل.. الفصل صيف.. وأنوار فوانيس المدينة على طول الكورنيش البحري أرسلت رسائلها الضوئية باتجاه الزرقة اللازوردية كما كل مساء، حيث مهرجان الألوان المحتفلة تمتزج مع ثمالة الشفق البحري عند الغروب رقصاً على إيقاع الموج الصاخب…
أخبره الصيادون بأن الغيم الظاهر في أفق المدى ينبئ بعاصفة.. وربما بإعصار مثلما هي العادة في هذا المدينة البحرية، التي تنام بعد حركة وتعب المتنزهين على كورنيشها الساحر ودلفهم إلى بيوتهم الممتدة بأعناق شرفاتها إلى الشاطئ، وتستيقظ باكراً على أصوات المراكب والزوارق المتجهة نحو جادة الرزق…
كانت أضواء الفوانيس المخبأة من النهار ترتمي بدلال في حضن البحر المائج،
تعاكسه، يعافها، تمازحه بغنج، يشيح بزبده الأبيض عنها.. إنه في شغل شاغل عنها…
حاولت مراراً أن ترسل – وكالحمام الزاجل- رسائل (المتمشورين)على الكورنيش، ارتجاعات ضحكاتهم، وارتعاشات أصواتهم، ورجع مواويلهم الحزينة، وهم يودعون فصل الصيف…
سينتظرون عتبات السنة الأربع حتى تعود الشواطئ إلى مهرجاناتها الزرقاء على الرمال…
لم يكترث البحر بكل دموع المصطافين.. لوحوا له بمناديلهم الحريرية..
كل ذلك لم يجدِ.. عبثاً، فعلت الشمس التي غربت تجرجر وجعها من وراء غيمات تناثرت هنا وهناك فوق خط البحر كقطيع خرفان رمادية وحمراء…
زالت كل الخيوط التي تركتها الشمس المسافرة على غير ما تعودت عليه مع عيون الصغار والكبار، عدسات كاميرات التصوير… حتى المنتظرين قدوم أحبتهم خذلهم الموج العالي والغاضب…
أتراه أحس بما يشعر به المحتفلون – غصباً عنهم- بالألم والوجع لدنو انطفاء قناديل المساءات الصيفية، وبدء طقوس نجيب الشواطئ البحرية..
أتراه يشعر البحر بالغصة إذ تفارق الشواطئ الفرح ويحل الحزن، ويقيم إلى أن تعود الضفاف إلى احتفالاتها صيف العام القادم.
×××
كان يراها كل مساء على الشاطئ البحري، تمسك ورقة القصيدة، وتبكي..
يحييها بقوله: مساك بحري.. لماذا تقفين دوماً على شاطئ الأحزان؟
فترد: إنه حظي!

خالد عارف حاج عثمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار