بين الشط والجبل .. لحن الحياة

الوحدة:26-9-2021

تأمل أوراقه المبعثرة على الطاولة.. قلمه (الستيلو)، تذكر أنه هديتها يوم أعطته إياه ليكتب به إهداءه الخاص لها على صفحة الغلاف لكتابه الشعري الأول، باكورة إنتاجه.. نسائم ليل أيلول اللطيفة تميل إلى البرودة قليلاً.. تبشر بقدوم تشرين..
كان يجلس في الشرفة وحيداً مع هذه الذكرى.. إغفاءة خاطفة لدقيقة جعلته يحس بالقشعريرة تسري في أوصاله..
أيقظته.. تساءل: كم من الوقت نمت.. كم من الأطياف طافت بي؟ كم من الأحلام هربت من مقلتي؟
زرر قميصه الصيفي على صدره، مد أكمامه.. تذكر وصية أمه وهو يهمّ للجلوس في الشرفة- ولدي: اتق البرد في أوله… وآخره- كان صوت (زيز الليل) يصل إلى مسمعه قادماً من بستان جاره أبي علي.. كان الصوت والذكرى وهو ثالثهما..
نظر إلى بعثرة المنضدة، وقد زاد نسيم ليل أيلول في الهزيع الثاني من المساء.. من فوضاها.. كان المنظر مثيراً للضحك مما آلت إليه حاله وحال الأوراق والقلم وفنجان القهوة الذي مازال يحتفظ ببعض (التفل) البارد في قعره..
أفكار شتى نقلته بعيداً عن الشرفة.. تذكر ابتسامتها الخجولة وهي تنتظر دورها لتستلم نسخة ديوانه… تتقدم من الطاولة.. حيث يجلس ويوقع اسمه على الصفحة الاولى من الكتاب…
– مرحبا.. ومبارك عليكم كتابكم..
– رفع رأسه باتجاه الصوت.. نظر ملياً.. كاد أن ينسى.. بارك الله بك.. شكراً..
– هل لي بنسخة من الديوان..
– طبعاً.. بكل سرور..
ما اسمك.. لأدونه في الإهداء..
سمع قلبها يطرق بشدة…
– لحن.. هاكم القلم..
اكتب حروف اسمي به..
أخذ القلم.. فتح إلى الصفحة بعد الغلاف..
كتب… إهداء إلى لحن… وقبل أن يرفع القلم عن الورقة.. تابع.. (الحياة)..
وكانت الولادة… كتابه الأول.. لحن الحياة..

خالد عارف حاج عثمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار