‏بحث أكاديمي يقدم أفكاراً بناءة لتحويل زهرة النيل من عشبة ضارة إلى مادة أساسية

الوحدة 24-9-2021

 ليست المرة الأولى التي نسأل ونؤكد فيها على أهمية استثمار وتوظيف مخرجات البحث العلمي في التنمية والمنفعة بأوجهها المختلفة . ونحن اليوم أمام بحث أكاديمي يمكن أن يسعفنا في معالجة أضرار نبتة سببت خسائر كبيرة في المسطحات المائية نظراً لقدرتها الهائلة على امتصاص أكسجين الماء ما ينهي حياة كثير من الكائنات الحية وفي مقدمتها الثروة السمكية إضافة لأضرار بيئية كثيرة. قدّم البحث نتائج مهمة ، ورسم لنا خريطة طريق يمكن لنا إذا ما أحسنا السير عليها أن نحول تلك النبتة الضارة إلى مشروع نافع في صناعات مهمة .
قدّم البحث نتائج مهمة ورسم لنا خريطة طريق ،حول ذلك تدور مادتنا التالية والتي نفسح فيها بالمجال أولاً لصاحب البحث الذي قدمه الطالب رئبال جهاد منى من معهد البحوث البحرية /قسم الكيمياء البحرية مؤخراً لنيل الدكتوراه تحت عنوان “اصطناع بعض أنواع البوليميرات الحيوية من الطحالب البحرية وبعض النباتات المائية الأخرى”
وذلك بإشراف: الدكتور أحمد قره علي والدكتور حسام الدين كريم لايقه.وبحضور لجنة الحكم المؤلفة من الأساتذة الدكاترة: عماد حويجة وأحمد قره علي و حازم كراوي و بدر العلي وعصام علوان.
بدأ الباحث رسالته مشيراً الى الآثار السلبية للنفايات البلاستيكية وقال : تعد النفايات البلاستيكية من أهم المشاكل البارزة على مستوى العالم لأنها تتراكم في البيئة وتسبب تلوثها، ومن هنا تأتي أهمية هذا البحث في اصطناع بلاستيك قابل للتحلل الحيوي من الطحالب البحرية كبديل عن البلاستيك الصناعي التقليدي غير القابل للتحلل ، مما يساهم في تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة الضارة ويحافظ على الموارد الأحفورية. وقد تم في هذه الدراسة اصطناع البوليميرات الحيوية من عائلة البولي هيدروكسي ألكانوا من نبتة زهرة النيل التي تعد مشكلة بيئية واقتصادية حقيقية في سورية، لأنها تنمو وتنتشر بسرعة كبيرة في البحيرات والسدود وقنوات الري وتخنقها، وتستنزف المغذيات والأكسجين من المسطحات المائية، كما تخفض من جودة المياه عن طريق منع التمثيل الضوئي إضافةً إلى أنها تعيق الملاحة وصيد الأسماك، وتسد أنظمة الري وشبكات الصرف. إضافة إلى استخدام الطحالب البحرية في إنتاج البلاستيك الحيوي نظراً لخصائصها الفريدة التي يمكن أن تسهم في إنتاج البلاستيك الحيوي لكونها تنمو بسرعة وبكميات كبيرة وبتكاليف منخفضة جداً.
وعن أهمية البحث أوضح د. رئبال منى قائلاً: تكمن أهميته في إنتاج البلاستيك القابل للتحلل الحيوي من بعض الطحالب البحرية ليكون بديلاً للبلاستيك الصناعي، بالتالي آمن للأنظمة البيئية وبصورة خاصة البيئة البحرية. و يؤمن البلاستيك الحيوي فوائد مضاعفة في حفاظه على الموارد الأحفورية وخفض انبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون مما يجعله ابتكاراً مهماً للتنمية المستدامة.إضافة إلى التخلص من نبتة زهرة النيل التي تعد مشكلة بيئية واقتصادية حقيقية في سورية. ولكلفتها الاقتصادية المنخفضة، كون زهرة النيل متاحة مجاناً من حيث التكلفة على مدار السنة.و يمكن استخدام الطحالب كواحدة من البدائل لإنتاج البلاستيك الحيوي بسبب كتلتها الحيوية العالية، وقدرتها على النمو في مجموعة كبيرة من البيئات وإمكانية زراعتها في البيئة الطبيعية مقارنة بالمصادر الميكروبية الأخرى التي تتطلب بيئة محددة لزراعتها.
وعن أهداف البحث قال : اصطناع بعض أنواع البوليميرات الحيوية من بعض الطحالب البحرية. و اصطناع بعض أنواع البوليميرات الحيوية من نبتة زهرة النيل.ودراسة بعض الخصائص التكنولوجية للبوليميرات الحيوية. كما استعرض أهم النتائج فقال: تم الحصول على البوليمير (بولي هيدروكسي ألكانوات PHA) المستخلص من نبتة زهرة النيل بتكاليف منخفضة مما يجعل أسعاره تنافسية مقارنة مع تكاليف اصطناع البوليميرات التقليدية.وتم تحضير بلاستيك حيوي شفاف وقوي من مستخلص الطحالب البحرية الحمراء (أغار)، وتميز بثبات حراري وخصائص ميكانيكية جيدة.
ولتأكيد مجموعة الحقائق التي توصل إليها الباحث و الحديث عن أهمية توظيفها قال الدكتور المشرف أ.د. أحمد قره علي :لزهرة النيل أثرها الضار على البيئة كونها تغطي المسطحات المائيةبشكل كامل وتعيق جريان المياه مايؤدي إلى استنزاف كميات كبيرة من المياه ،حيث تمتص من 5 الى7 ليترات مياه يومياً، كما تنافس وتعيق نمو الأحياءالطبيعية الأصيلة الموجودة في المسطحات المائية . وتكلف الدولة السورية مئات الملايين في عملية إزالتها إضافة للصعوبات التي ترافق ذلك من ضحايا وجرحى ناهيك عن عملية الإتلاف التي قد لاتحقق غايتها بسهولة ، وبذلك تعتبر هذه النبتة عبئاً اقتصادياً وبيئياً وصحياً.
ونحن اليوم قمنا بدورنا في إيجاد حل لهذه المشكلة و عملنا على تحويل المشكلةالتي تسبب الخسائر لخزينة الدولة إلى حل لدرّ الملايين على الخزينة ، وذلك عبر تحويلها لمادة أولية تدخل في صناعة مواد مطلوبة و ضرورية ، حيث قمنا بتجارب عديدة لاستنباط نوع من الأغشية(البلاستيك الحيوي ) وبعد دراسةخواصه لاحظنا أنه يمكن الاستفادة منه في كثير من المجالات وهو قابل للتحلل خلال مدة 100 او 120 يوماً إلى عام وهو ما يميزه عن البلاستيك الصناعي الذي يبقى محافظاً على خواصه 30 عاماً و الذي يؤدي انتشاره لرداءة البيئة و لتأثير ضار على جميع الأحياء . أما المنتج الذي استبطناه فهو بلاستيك حيوي يمكن إدخاله في صناعة الخيوط الجراحية والأدوات الجراحية الطبية و التي تمتاز بقابليتها للتحلل .
واشار د. قره علي إلى أن هذا البحث يقدم دراسة مهمة استراتيجياً لأنه يقدم حلاً لمشكلة على مستوى هذه الدراسة من نتاج بحثي إلى تطبيق .
و تابع د. احمد قره علي كلامه وقال : قمنا أيضاً بتحديد أهم أنواع الطحالب التي تعطي منتجاً بلاستيكياً حيوياً قابلاً للتحلل وبمواصفات سليمة صديقة للبيئة و يندرج هذا البحث ضمن علوم الكيمياء الخضراء التي تقدم مركبات صديقة للبيئة.
وأضاف : قمنا بدراسة هذا المنتج بكل جوانبه و صنعنا نماذج بأشكال مختلقة و بسماكات ومرونات مختلفة يمكن استثمارها بمجال الأكياس ، الخيوط الجراحيةوالأدوات الطبية والصناعات فهي خفيفة الوزن وتمتلك متانة عالية.
و أكد د. قره علي على أن ايجاد حل لمشكلة زهرة النيل هو مطلب حكومي ملّح ،في كثير من المؤتمرات ناشدت الحكومة على الإسراع في ايجاد الحل المناسب لهذه الزهرة و نحن جاهزون للتعاون والتنسيق مع كافة الجهات لاستثمار هذا البحث و مخرجاته بالطريقة الأمثل لتوظيفها لأنه يندرج ضمن سياسةالحكومة. و جدير بالذكر أن هذا البحث هو نشاط غير مرجعي، فالباحث قام باختبارات لمزائج معينة وتوصل لهذه النتائج المشار اليها. ويمكن أن يستند عليه كمرجع أساسي لدراسات لاحقة في هذا المجال حيث إن فكرته مبتكرة وهو قيد صدور براءتي اختراع لجهة زهرة النيل و طحالب بحرية أخرى وقد نال الباحث مرتبة شرف بدرجة ٩٥ .

ياسمين شعبان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار