أيها المهاجرون الجُدد.. تريثوا

الوحدة : 22-9-2021

القناعة كنز لا يَفنى، كلٌ ساقته ولازالت تسوقه قناعاته التي بها يؤمن، وهي تعني اليقين والإيمان بحتمية الموجود، مصطلح أخذ يغزو شبكات التواصل الاجتماعي، فوجَد في عقول وضمير البعض أرضية خِصبة لتلقّفه والتفكير الجدّي بمضمونه مجهول المصير، وخاصة من فئة الشباب (الهجرة) وهي الهروب من الواقع الحالي، ثمة أمور أصبحت تضغط بشكل تدريجي على تفاصيل الحياة بكافة جوانبها، وهي ضغوط متعدّدة أهمها سُبل العيش واستمرارية البقاء، والوضع الضاغط على الجميع، والخوف الكبير من إعادة تكرار سيناريو ما حصل بدول عدة أفريقية وآسيوية، وتدخّل الهيئات الدولية لتقديم سُبل استمرارية الحياة، وهو تقديم الطعام لأرتال الأطفال الجياع من ذلك الوعاء الكبير لا قدّر الله، علماً أن هذا الفصل هو أحد الضغوط المُنتَظر ظهورها والمرسومة لهذا الشعب الذي أبى ويأبى الذّل والتسليم، وهو إحدى الخطط المُدرجة لإظهار الحكومة الوطنية ضعيفة هزيلة أمام مواطنيها، حيث أنّها الحكومة الوحيدة التي لم ترضخ لإملاءات الخارج وتوصياته ولا زالت متمسّكة بالثوابت الوطنية التي لم ترُق لدول الغدر المتصهينة، بهجرة أبنائها ستتم معاقبتها وهي الخطّة البديلة، لقد أخذت الغُرف الخارجية السوداء تهيئ لموضوع الهجرة باللعب على وتر الجوع والموت بالحرب أولاً والخدمة الإلزامية الطويلة ثانياً، وهذا ليس أمراً مُبرراً لاعتناق الهجرة من قِبل فئة شبابية هي جزء مهم من مستقبل البلاد، وعود ذهبية متعدّدة بوجود فُرص العمل واستقبال السوريين المهاجرين إلى السودان ومصر والعراق ودول أجنبية أخرى، غُرف بدأت تضخّ سُمومها بكل الاتجاهات، تارة بتصوير مستقبل البلاد كمن يعيش ضمن نفق مسدود مُكلل بالظلام وسوداوية العيش، أو استمرار شلال الدّم المتنقّل بين جبهات القتال المُفترضة.
فمن هم المهاجرون الجُدد؟ هم المتعلمون أصحاب شهادات عليا ترعرعوا بكنف الدولة من مختلف الاختصاصات العلمية، أطباء ومهندسون بريعان شبابهم، إنهم أصحاب مِهن مهرة، باحثون عن مستقبل ضائع على دُروب حياتهم البدائية، هم الشباب الواعد لبلاد بدأت تنفُض غُبار سِني حرب عبثية، والهجرة مصطلح آخر صارخ لتفريغ البلاد من عقولها ومبدعيها من قِبل دول متغطرسة تحاول جاهدة إنهاك المجتمعات الملوّنة بألوان الطيف، والتأسيس لمجتمع خنوع تم تفريغه من محتواه الوطني، مجتمع بدائي متخلّف يمكن السيطرة على قراراته وإفراغها من مضمونها، فتنتهي العروبة والكبرياء عند حدوده المتخلّفة إرضاء لسيد المنطقة الأوحد كما يزعمون، لكن بالمقابل كان ولا زال هناك تيار شبابي يرفُض رفضاً قاطعاً تلك الفكرة المؤلمة وهجرة الّلاعودة حتى ولو انعدمت أُسس البقاء ضمن هذه البلاد التي لا زالت تعاني ويلات الحرب وتبعاتها، مؤسساتها التعليمية والخدمية لا زالت تقدّم خدماتها، على أكمل وجه، بدأت تمحو آثار تلك العربدة التي فُرضت بشكل أو بآخر على مكوّنها الصامد، وأصبحت تلوح في الأُفق شرارة هجرة أجنبية عكسية مؤقتة لشركات عملاقة بكافة الاختصاصات، وجدت في أرضنا الواعدة البكر مستقبلاً زاهراً من خلال إظهار المهارات بالعمران والبناء المتطور، ستكون منطلقاً لمسيرة عمران طويلة، لدولٍ وقفت بصدق إلى جانب قضية عادلة، قضية انتماء وطني صرف، لبلدانٍ صديقة مناضلة وفية قدّمت الكثير لإعلاء وإحقاق كلمة الحق لوطن كان جُلّ اهتمام قيادته العيش بسلام وعودة الحق لأصحابه الشرعيين.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار