التمييز والعنف

الوحدة 19-9-2021

زوجها يسكن البيت حيث وفرت له كل أسباب العيش والحياة التي يحبها… أركيلة وكحوليات وموالح وبذورات تحضرها له زوجته المسكينة قبل خروجها لعملها في المطعم منذ طلوع الصباح ولا تعود إليه قبل المساء, لتجده نائماً كما تركته والبيت والأولاد بسوء حال, ولا اعتراض على أمره, لتنكب ثانية على أعمال المنزل إن استطاعت وفيها بعض الرمق, هذا ما باحت به السيدة وفاء عن قصة جارتها التي حاولت مرات عدة مساعدتها ولم تكن لديها إجابة سوى الخنوع للظروف وعدم تشتت الأولاد…
وفاء، موظفة، وهي إحدى المشاركات بالدورات المهنية التي تقام ضمن نشاطات المساحات الآمنة للمرأة في الرمل الشمالي لجمعية تنظيم الأسرة والتي يتخللها الدورات المهنية المشيدة في غرفها وأقسامها, حيث أقيمت جلسة حوارية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي وقد أدار الحديث الآنسة رانيا صدقة، إدارة حالة ورفيقتها رنا اللتان تحدثتا عن التمييز والعنف القائم على كل الأفراد نساء وأولاد وحتى رجال من بداية التمييز الذي يأتي منذ كانت الفتاة في بطن والدتها (ولد أم بنت) زهري أم أزرق, لا تخرجي نظفي ورتبي فهذا من عملك وليس من عمل أخيك فلتخرج وتلعب مع رفاقك إلى آخره ولك ما ترغب وتشاء حتى لو كان متعلماً فمنهم معنف والقصص كثيرة ترويها السيدات وكأنها غريبة في هذا الزمان ونقول: أيوجد هذا اليوم؟
رغداء، معلمة: همست بما يجري مع زميلتها المسكينة، زوجها المصون يقبض لها راتبها ويضعه في جيبه, وكلما أرادت الخروج إلى المدرسة أو زيارة مريضة أو صديقة تسأله أن يعطيها بعض المال, فإن وافق كانت لها رغبتها, وإن رفض تكون واقعة ليس لها نافعة بل ضرب وقتال, حتى أنه هو من يقوم بشراء حاجيات البيت ولوازم الأولاد بالتقتير.
فاطمة تقول: تزوج علي بعد 30 سنة وأولادي الأربع متزوجون ولم يبق غير صغيرتي التي لم تكمل تعليمها, وأسكنها في بيتي ولم أقدر على رده, لتضايقنا وتشاكسنا لينهال علينا ضرباً كل حين, فقررت أن أعمل وأنا التي تدربت على الخياطة في صغري عند أهلي لكن الأشكال والألوان تغيرت فجئت إلى المساحات الآمنة للمرأة عندما سمعت بما تقوم به من دورات وبالمجان, لكن صغيرتي التي رافقتني خشع قلبها من حضور والدها للبيت قبل وصولهما, فالتفت عليها وقلت: في كل الأحوال هو يضربنا فلا تخافي, أنت تتعلمين كوافير وأنا خياطة, وتعلمنا وهو كان قد التهى بزوجته الثانية وولديه التوءمين, بل تدربت في كل الدورات التي كانت تقام (خياطة, كوافير ومكياج, شغل صوف, واليوم منظفات) وبدأت العمل بمحل تجهيز فساتين عرائس منذ سنوات, ولي ناسي وزبائني الذين أخيط لهم, ولم أعد أرد عليه حتى صغيرتي تزوجت وفتحت محل كوافير, لم أدع حياتي تتوقف عنده وتخلصت من عذابه وشقائي معه, وصرت منتجة ومكتفية اقتصادياً, وحتى منذ أيام سألني أنه سيتزوج الثالثة فما ردي: فقلت بكل بساطة لم يعد يهمني وافعل ما تشاء.
القصص كثيرة ولها آلامها وآثارها على الأم والأولاد, ومعظمهن يصبرن ويكتمن السر لعدم الإهانة والإحراج من الأهل والجيران, لكن للحيطان آذاناً وللأوجاع أيضاً, وإن كنا سنستعرض كل ما قيل في الجلسة التي استمرت لأكثر من ساعتين لن ننتهي اليوم..

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار