شبان يبحثون في الأنترنت عن العروس الأجنبية !

الوحدة 19-9-2021

جلس الشاب سامي (27 عاماً) أمام الكمبيوتر الخاص به ليلاً، وأخذ يتصفح المواقع المختلفة بعد انتهاء عمله الشاق في المطعم الذي يعمل فيه من الساعة السابعة صباحاً إلى ما بعد منتصف الليل بقليل، ولكن، ما باليد حيلة، إذ أن الدبلوم الذي يحمله منذ سبعة أعوام لم يفتح له مجال العمل في وظيفة أفضل، بل أغلق في وجهه مشروع الزواج بجارته التي أحبها وأحبته منذ كانا في مرحلة الإعدادية، بعدما أمسك والدها ورقة وقلماً، وبحسبة بسيطة ثبت أنه في حاجة إلى 25 عاماً ليكون مستعداً للزواج بابنته، التي ستصبح حينئذ في الخامسة والأربعين من عمرها!
وذات ليلة عثر موقع شَعر بأنه يحل مشكلته ومشكلة أصدقائه الثلاثة الذين يعيشون ظروفاً تشبه إلى حد كبير ظروفه ومن دون تفكير، أرسل بضع جمل في الموقع إلى رفاقه يدعوهم فيها إلى الغوص في عالم الأنترنت والبحث عن عرائس جميلات ومناسبات جداً لظروفهم الاقتصادية الصعبة، وقد قرأ الشاب في الموقع أنه يتم زواج الرجل بالفتاة من دون مهر أو أي تكلفة، وقد يهدي الرجل زوجته الورد أو العطور مع خاتم فضي أو ذهبي وخاتم آخر له لكي يعبر عن ارتباطهما كزوج وزوجة.
التقاليد هناك لا تفرض على الزوج أي مستلزمات أو مهر ولا يحتاج العريس للسفر لإتمام الزواج هناك إذا كان ينوي الإقامة مع زوجته في بلده فيمكن أن ينوب أحد عنه لإتمام الزواج، أما إذا كان ينوي الإقامة هناك مع زوجته فعليه السفر لإتمام الأوراق بنفسه.
بدت الكلمات أشبه بالموسيقى العذبة لا سيما بعدما رأى عدداً من صور العرائس الشقراوات الممشوقات الفاتنات فداعبه حلم الزواج والسفر والهروب من المستقبل الكئيب الذي اتضحت معالمه تماماً، ولم يعد يفكر إلا في السفر وتعلم اللغة ومازال يواصل البحث عن عروس شقراء شرط أن توفر له فرصة عمل في بلدها وتعينه على بدء الحياة هناك ، هرباً من العراقيل الاقتصادية والصدمات النفسية التي يعيشها.
من يدري إن كانت عروسه المرتقبة قد تكون في صدد البحث عن عريس له المواصفات نفسها، أي أن يكون قادراً على توفير فرصة عمل لها في بلده ويعينها على بدء حياة جديدة هرباً من المشكلات التي تعانيها في بلدها.
واقع مرير
ظاهرة لافتة تشير إلى أن تكلفة الزواج حالياً تمتص النسبة الأعلى من الموارد المالية والمدخرات المتاحة للأسر على مدى حياتها ما يعني أن الزواج بمثابة مشروع اقتصادي حيوي يتطلب دراسات جدوى اقتصادية معمقة واستنزافاً كاملاً لموارد أي أسرة، ومع ارتفاع نسب البطالة بين الشباب والارتفاع المذهل في أسعار الشقق والإيجارات، واستمرار تعنت الأهل وأحياناً العرائس أنفسهن في طلبات الزواج من مهر وضمانات أخرى جميعها مادي من أجل إتمام الزيجات.
انضم الزواج إلى قائمة طويلة من مصادر المعاناة التي يعانيها الشباب، وبالتالي تغيرت مقاييس الزواج ومعاييره وبالتالي متوسط سن الزواج مع استمرار ارتفاع معدلات العنوسة بين الجنسين بسبب صعوبة الحياة التي تضع كلمة النهاية أمام نسبة كبيرة من قصص الحب إلى التغيير الذي طرأ على منظومة المشاعر والأحاسيس الرومانسية وفكرة أن الحب يصنع المعجزات، على رغم إيمان الكثير من الشباب بالفعل بقدرة الحب على صنع المعجزات إلا أنهم يقفون عاجزين أمام مشكلة توفير شقة وهاتف وسيارة وصحن لاقط للفضائيات.

لمي محمد معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار