الوهن النفسي.. ليس مسّاً أو عيباً

الوحدة:13-9-2021

شخصية الفرد ترتبط وتتأثر بالبيئة المحيطة والوسط الاجتماعي الذي ينتمي إليه, وهي نظام متكامل من مجموعة من الخصائص الجسمية والإدراكية التي تشمل دوافع الفرد وعواطفه وميوله واهتماماته وآراؤه وسماته الخلقية وعاداته الاجتماعية وذكاؤه ومواهبه الخاصة ومعتقداته وأهدافه التي تعين هويته وتميزه عن غيره من الأفراد وتتجلى في الأثر الذي يتركه في سلوكه في محيطه سلباً كان أم إيجاباً.
النفس تمرض وتعيا وتوهن مثل الجسد, الوهن النفسي ليس عيباً وينتشر في كل البلدان وخاصة التي عانى أبناؤها ويلات الحروب والكوارث الطبيعية وتداعياتها وفظائع الإرهاب وجرائمه, نحن نعيش في مجتمعات تربط الوهن النفسي بالجنون والعيب ووصمة العار مع أنه مرض شائع ينتشر بين الكبار والصغار ويظهر على شكل إعياء وقلة انتباه واكتئاب ونظرة تشاؤمية للحياة والمستقبل وإهمال الحاجات الشخصية والواجبات الأسرية والفصام والخلل في التفكير, حيث يكون المريض غير واع وغير مدرك لما هو فيه ويصاب بهلوسات سمعية وبصرية ويخال أنه يرى أشياء غير موجودة وهو على قناعة تامة بكل ما يتصوره ويتوهم أن الناس تراقبه وترغب بضرره و إيذائه.
من الأسباب الرئيسية التي تفضي للوهن النفسي ضغوطات الحياة الهائلة ومعاناة النبذ الاجتماعي والابتعاد عن الشخص ورفض التواصل معه لأنه شخص قلق واثق من نفسه والعنف اللفظي وسوء المعاملة في الأوساط الأسرية والاجتماعية وتناول أدوية معينة على المدى الطويل وإدمان المشروبات الروحية وغيرها التي تؤثر على العقل والشعور والإدراك وتفضي إلى السعادة المؤقتة بما يشبه التخدير وما أن يزول المخدر حتى يكتشف زيفها وخداعها ولا جدواها.

أغلب الناس يخجلون من الوهن أو المرض النفسي ويعتبرونه وصمة عار وجنون, والمصاب بالوهن إنسان عادي يعاني من خلل في جسده وهو ليس وصمة عار أو مس أو جنون عقلي أو داء أصابه وصار أشبه بسجين تغلي وتدور في ذهنه الأفكار ولا تنفك تنجز فيه حتى تصيبه بالإعياء الفكري والنفسي والجسدي, وغالباً ما يظهر لدى الناس الذين تعرضوا للضرب والخطف والسجن الطويل.
القيم السلوكية الإنسانية الحضارية التي نتفاخر بها هي التي يتم بموجبها تقييم الأفراد وأفعالهم وتصرفاتهم.. علينا التخلص من المشكلات الاجتماعية التي تؤدي إلى الانحرافات القيمية والأخلاقية واتباع أنماط سلوكية تنسجم مع القيم الأخلاقية والابتعاد عن القيم المنحرفة والمعاملة السيئة وغير السوية والسيطرة على الأفكار السوداوية وطردها بعيداً واستعادة التركيز وتجاوز الصدمات واستعادة التوافق النفسي والتكيف الاجتماعي للخروج من الرعب والخوف والكآبة وتجاوز اليأس وترميم الروح المتشظية بفعل ضغوطات الحياة بالراحة والعناية بالصحة والتعامل بالحب والمودة والاحترام .

نعمان إبراهيم حميشة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار