حمرة وجمرة…

الوحدة 8-9-2021
في شهر أيلول لنا موعد نعمل له ألف حساب، يحملنا ما فوق طاقتنا بأثقال وأطنان من الجهد والنفقات فيها مونة ومدارس وجامعات، تدفعنا للتنقيب في الأسواق عما يستر الحال، وقد كان (المعاش) فيها قد استطار من أول يوم في الشهر، وكيف لا ولنا كل يوم بورصة أسعار لاستهلاكيات وحاجات، بتنا نتحايل في أمرها لنأتي بالضروريات وما قل بل ما ندر فإن تدبرنا أمر الأولاد بالقرطاسية والمحفظة فإن المونة التي كانت بالأرطال هي اليوم بالوقية والغرام لا تشبع ولا تسمن، ومن أهما ويأتي في القائمة دبس الفليفلة الذي هو الأساس في كل وجبة طعام والمكدوس أيضاً، تراها توهج من بعيد حمراء تدعوك للاقتراب، وإن نظرت عليها بطرف عينك تلسعك جمرة أسعارها ولا ترتد عنها بآلاف مؤلفة تحرق ما في الجيب وتجعله رماد بـ(1500) ليرة (مجبر أخاك لا بطل).
السيدة أم علاء- موظفة في المالية:
أحب الفليفلة كثيراً وكذلك الأولاد، أشتري منها الخضراء للمائدة والحمراء للمونة لكن ليس لدي الوقت الكافي لأصنعها لذلك أشتريها من السرق معارض للمرأة الريفية معبأة ومحفوظة بقطرميز زجاجي والكيلو بـ 10 آلاف ليرة وأراه رخيصاً.
السيدة أم فرح: أكدت أنها تفضل صناعتها بيدها وتقول: لم تصل الفليفلة يوماً إلى هذا الحد أسعارها نارا، يصل الكيلو منها إلى 1500 ليرة، ولم تكن في العام الماضي غير 500 ليرة لقد تضاعف سعرها 3 مرات، فأنا أصنع الدبس وأبيعه ولن يكون بأقل من 10 آلاف ليرة، فبعض الفليفلة المروية (لا تقطع) كثيراً وفيها ماء ويمكن لأكثر من عشرة كيلو منها أن يبقى كليو أو أقل فقط دبس.
أعتمد فيها على رزقي ومعيشة أهل بيتي، أذهب يومياً إلى السوق وأنتقي منها ما أشاء شرط أن تكون ناضجة تبص بحمرتها وتتوهج من شمس آب اللهاب، أو أقصد قريتي في الدروقيات وأشتري من أصحاب الأراضي الزراعية بسعر منخفض، لكن اليوم ليس لي في ذلك صالح أو مال فالمواصلات صعبة والأجور عالية عداك عن مغبة الطريق، ولا أعلم إن سيكون لصناعتي سوق وتصريف.
أم سومر- ست بيت أشارت أنها لا تستغني عن دبس الفليفلة وتستغني عن المكدوس، وتقول: لا أعلم كيف سأصنع مونة دبس الفليفلة والموسم قد حان، فالراتب ضعيف ونحن نتحايل عليه لتأمين بعض الحاجات اليومية، فكيف لنا بالمونة خزانة المونة فارغة ولم تكن بهذا المشهد يوماُ، أقصد السوق يومياً عسى أن يسعفني الحظ وتكون قد انخفضت الأسعار، فقد ثقلت موازين المصروفات (ومن وين رح نلاقيها) سأترك أمر المونة ليوم ما، دبس بندورة ومخللات وفليفلة ومكدوس وأظن الأخير من المستحيل.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار