ابتسامات أمام المرآة

الوحدة 23-8-2021

أعباء الحياة التي تتراكم مثل متوالية حسابية أو فوائد قرض بنكي، أفقدتنا معنى الابتسامة، وسرقت بهجة الضحكة حتى كدنا ننسى شكل أسناننا، وباتت مجرد وسيلة لمضغ الطعام أو أداة (كز) لتفريغ الانفعال وشحنات القهر والأسى.

أي شخص بوسعه الضحك والانشراح والابتسام ببساطة، من خلال الأحداث اليومية التي يعيشها أو تمر أمامه، والشخص الذي يتعلم كيف يضحك يمكنه الحصول على الكثير من المتعة في حياته بمزاجِ سعيد وتوتر أقل، وعلامات أفضل وذهن صحي،

ومن شأن الضحك بوصفه علاجاً، ويدافع عما يسمى تقنيات (ضحك اليوغا) التي يمكن أن تتضمن تمرينات بدنية غير معتادة، لكن ليس هناك حاجة إلى اليوغا في ظل اقتراحاته الكثيرة، مثل الابتسام أمام المرآة بمجرد الاستيقاظ في الصباح، وينصح بهذا السلوك حتى لو جعلك تشعر بالبلاهة.

من جهتي قررت أن آخذ بهذه النصيحة لعلي أزيل عن روحي غمامة الحزن التي تنتابني كلما قرأت صحيفة، أو تابعت نشرة أخبار تلفزيونية.

فنهضت صباح يوم عادي، ودققت في المرآة أتعلم الابتسامات، فظهرت مثل ممثل يفشل في أداء دوره بشكل جيد وشعرت ببلاهة لم أعهدها في نفسي..

ومع ذلك قررت الاستمرار في التمرينات المضحكة لعلي أحظى من الفرح، ولو كان طارئاً، في السنوات المقبلة من الحياة، وهنا يبرز تساؤل مشروع: لماذا فقدنا القدرة على الابتسام واقتناص لحظات السعادة؟ ولماذا استسلمنا إلى كابوس الحزن والتعاسة؟

وعندما ندقق قليلاً، ونقتحم بوابات الواقع، نجد أن ما عشناه من أحداث الأعوام الماضية على الصعيدين الشخصي والعام، ألقى بظلاله على أوضاعنا النفسية، وحولتنا إلى أشخاص يحتاجون إلى أنهار من الدموع ليغسلوا ما علق في أذهانهم من مشاهد وحكايات، ما أنساهم أهمية البحث عن السعادة، وجعل حساسية الشعور لديهم بالمواقف الفكاهية متدنية للغاية.

 وللتخلص من الأحزان ودخول ساحة السعادة والفرح يمكنك أن تحصل على مزيد من الضحك عندما تشاهد شيئاً مضحكاً من خلال البحث عن أمر مضحك آخر في الشيء نفسه أو أن تسأل صديقاً أن يروي لك نكتة ما أو أن تخوض جولة مزاح معه أو من خلال الحصول على حيوان أليف يشعرك سلوكه بالسعادة.

الأطفال يضحكون أكثر من الكبار ومن دون سبب واضح وينصح الكبار أن يحذوا حذوهم لأن الحياة أقصر بكثير مما نتصور.

إن النصائح تستحق المحاولة فمن خلال تجربتي الشخصية أيقنت تماماً أن ساعات المرح أو لحظات السعادة التي أعيشها أحياناً تترسخ في الذاكرة ولا يمكن أن تمحى، وكثيراً ما تكون أداة محسوسة للتخلص من هجمات الحزن واليأس، ودافعاً للبحث عن مزيد من الضوء في زمن العتمة المقيم وحافزاً لاقتناص التفاؤل من مفردات العمر، لأنه الوحيد الذي يعطي لحياتنا معنى ويحفزنا على مزيد من العطاء

ويمنحنا أحاسيس المحبة السامية.

لمي محمد معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار