وقال البحر.. خبرات تربوية…

الوحدة10-8-2021

تختلف أساسيات التربية من جيل إلى آخر، نتيجة تأثير التغيرات العلمية المُتلاحقة على أسلوب الآباء في التعامل مع الأبناء، وذلك من خلال مفاعيل ثورة المعلومات والتكنولوجيا، إلى أثر شتى أشكال وألوان فضاء عالم الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وتأسيساً على الخبرة الشخصية للآباء يمكن إدراج بعض النصائح الخاصة والأكثر تكراراً بتنشئة الأبناء وسوقها بإيجاز إلى عموم شرائح المجتمع المنتمي إلى عدد من الأجيال المختلفة…

– إغداق الحب: فالحب غير المشروط، والمُتسم بالكرم، والمُقترن بالتضحية، هو أهم ما يستطيع الوالد منحه لأبنائه، وقد أجمع العديد من علماء النفس على ضرورة الحرص على تأكيد الإحساس بالأمان والاستقرار من خلال الحب الذي يُعد الإجابة الأكيدة لكل موقف مُحاط بالغموض والريبة.

– قضاء الوقت: يكمن السبب الرئيسي وراء التركيز على أهمية عامل الوقت في الاعتقاد بأهمية الاستعاضة عن الكم بالكيف نتيجة النزر اليسير من الوقت الذي يتم قضاؤه مع الأبناء نتيجة حقيقة مشكلة العصر الحالي المتمثلة باللهث الدائم والدؤوب وراء لقمة العيش.

– المرح: من الوصايا العامة والصريحة التي تم ذكرها، فمن المُفضل أن يغلب طابع المرح على بعض أوقات اليوم مع إضفاء حالة من الهدوء والتذكر بأن للصواب عدة طرق مختلفة، ومن أبرز النصائح الذهبية هي أن يثق المرء في فطرته ويغفر لنفسه هفواته.

– وضع النظام: فالنظام يعني وضع معايير للسلوك والالتزام بها، ويُعتبر تطبيق هذا النظام بدافع الحب شيئاً مقبولاً وضرورياً لأنه يُؤهل الأبناء للتأقلم مع العالم المحيط بالأسرة، والنظام لا يعني فقط تقويم السلوك، ولكنه يجب أن يُفهم بأنه وسيلة للسعادة الأسرية بفضل التوجيهات التي يُسديها الآباء المُجربون.   

– السلطة الأبوية: ولأجل هذه السلطة يُستحسن تدعيمها بالثواب والعقاب، وعلى ألا تكون الحدود والنُظم صارمة أو غير مرنة في كل الأحوال، وإلى جانب الحرية الكافية التي يُعطيها الأب ، فمن المنطقي اللجوء إلى شكل من أشكال العقاب إذا ما دعت الضرورة القُصوى إلى ذلك. 

– الإنصات باهتمام: الإنصات الحقيقي هو أداة شديدة القيمة والفائدة لفهم مشاعر الأبناء، ولذا فإنه يتوجب على الوالد توفير الإطار للابن بالفضفضة والتعبير عن اهتماماته وهمومه وطرح جميع التساؤلات كبيرة كانت أم صغيرة، وهذا الأمر يجعل عملية التواصل أمراً سهلاً في المستقبل، وإذا كان المطلوب فعلاً ينحصر بذاتيته وتلقائيته فإن الوالد يستطيع أن يكون مُلماً بما يجري حوله من خلال أخذ الدور الإيجابي والنشط لغرس شتى قيم وتقاليد الحياة التي تُمكن من حُسن شق الطريق الوعر فيها، وتكمن الحكمة هنا في أن يصوغ الوالد مبادئ قيمه وأُسس حكمته في الحياة لغوياً، وأن يُفصح عنها ويُناقشها، ولعل الأهم من هذا كله أن تكون سلوكيات الوالد مُطابقة لما يُعلن أنه يتمسك بها من مبادئ وقيم، ومن أهم الأدوار التي يُناط بالأب إنجازها كي يتمكن الجيل الناشئ من التكيف الإيجابي بها تتلخص في تحديد المسؤوليات والأدوار في البيت، إضافة إلى التأكيد على صدقية الانتماء الديني المُتسامح، وما يؤدي إليه فعلاً من خصال تُترجم بحُسن الأخلاق وصور الاحترام والأمانة، إضافة إلى ترسيخ نماذج حقيقية للتكامل وأشكال الشجاعة الأدبية.

– بناء الشخصية: يجب أن تُؤخذ الأمور بالتدرج، وبمرور الوقت يُصبح من المُلائم منح الابن قدراً مُناسباً من مساحة اتخاذ القرار فيما يخص الأمور الشخصية لأن إحساس الابن بذاتيته على درجة عالية من سُلم الأهمية، ويُعد التدرج في إعطاء الحق في الاختيار والقرار يسير بالتوازي مع تحميل بعض المسؤوليات وهذا مرهون بدرجة النضج ومُعدل مؤشر القدرات البدنية والنفسية.

– دعم الكرامة: إن اعتزاز الابن بقيمته الشخصية شيء بالغ الأهمية ولذا فيجب تشجيعه ودعمه وتكريمه، وبناءً عليه فعلى الوالد أن يكون كريماً في حبه ودعمه لأن الإحساس بالكرامة الذاتية أساس النمو النفسي للابن.

الأُبوة ليست عملاً سهلاً وبسيطاً، فالوالد يجب أن يكون مُستعداً لتبعات الأُبوة، ومُتسلحاً بالقراءة والبحث عن خبرات وحكمة الآخرين، وعليه فيجب أن يكون مُنفتح الذهن ومُستعداً لتقبل المواقف المُحرجة وألا يكتفي بدور الموجه أو المفتش فقط، ففي بعض الأحيان تختلط الأمور وتتسم بعدم وضوح الرؤية، وفي الوقت نفسه يُؤكد نخبة من الخبراء بأن  الأُبوة تُضفي على الإنسان شُعوراً عميقاً بالنشوة والمتعة، وعندما يُراجع الآباء تفاصيل محطات حياتهم سيجدون أن الأبناء يشقون مسار طريقهم ويصنعون لأنفسهم في المجتمع مكاناً لائقاً ومُناسباً قدر الإمكان، وكذلك يستقلون بذاتهم في وقت سريع جداً، ولهذا كله فمن النُصح  المُفضل والمُحبب أن يدخر الأب لنفسه وقتاً مع أبنائه لأنهم سوف يتركون البيت بلحظة ما في يوم ما، وعليه في نفس الوقت الحمد والشكر الدائم على الهبة الممنوحة له فهي الفرصة الذهبية للنمو عقلياً وذهنياً وعاطفياً لأنه كلما مرت السنون وبقي الأب وسط الأبناء فسيشعر بثراء التجربة وحكمة الحياة وفهم معنى الدنيا.

د. بشار عيسى

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار