اللعبة الساذجة

الوحدة : 9-8-2021

القلب ينفطر، والروح تنشطر، والعين تغتسل بدمعها اللامرئي، ويبدأ الحسد يرتجف مشحوناً بتلك الأحاسيس الغامضة المشتتة بين المحبة والعطف والاحترام، وشعور الألم وخيبات الأمل! 

أيام من التمزق كانت كافية لتحول قامتك إلى أشلاء متناثرة في فناء متخم بالغموض والمخلوقات المشوهة التي لا تشبه كائنات الأرض، بسبب تلك اللعبة الساذجة المخادعة التي انطلت وقائعها على من كانوا يحتلون موقعاً قريباً من القلب والروح، بعد أن استسلموا لمعسول الكلام الذي يوقظ (الأنا النائمة) ويخدر القدرة على المحاكاة والتبصر ورؤية الأمور بأشكالها وأحجامها الحقيقية!

الحسرة تأكل أحشاءك التي أجج نارها المستعرة اهتزاز تلك الصورة النقية التي كنت قد كونتها عن أولئك الأشخاص، صورة زاخرة بالصدق والوفاء والإخلاص والصراحة والتفاني صورة تشبه قطرات ندى الصباح فوق وريقات زهرة بنفسج في حديقة كوخ خشبي يستلقي على حدود المدى!

تحمل توجعك، وتقسو حباً على الآخرين لعل القسوة تزيل (الغباشة) التي شوهت الرؤية، وتعيد الخطوات المرتبكة المستعجلة إلى آليتها الطبيعية لتسير على الطريق الصحيحة الواضحة المعالم، والتي تقود إلى نهاية معروفة ومحددة.

وحين تجهر بما في نفسك وتكشف النقاب عن نقاط مُحيت عن الحروف فقلبت الحقائق والمعاني والغايات، يقف الآخرون مشدوهين أمامك وقد فوجئوا بانجلاء الغموض وانحسار الستائر الداكنة عما يجري خلفها، لكن العناد والتشبث بالمفاهيم الخاطئة يزعزع جذور العلاقات السامية ويهدد ديمومتها على أسس من الثقة المتبادلة والشفافية والصدق والمصارحة!! وهنا تنكمش المشاعر متقوقعة في زوايا الذاكرة، مبتعدة عن الواقع القاسي الذي يجرحها في كل لحظة سوداء مستحضرة حسرات الملك أوديب في مسرحية الكاتب سوفو كليس، حيث يقول: أيها السحاب المظلم، يا للسحاب البغيض الذي صب علي، يا للسحاب الذي لا يوصف ولا يقهر ولا يتقى!  واحسرتاه بأي سنان يطعنني الألم والذكرى، هكذا يبدو المشهد الآن،

غمامة سوداء تجثم فوق صدرك، وتثير الوجع والآلام وتقمع الحسرات المكبوتة التي خرجت بعض أجزائها من داخلك لتعبر عن قناعاتك الراسخة إذ لا يهمك لو انفطر القلب وانشطرت الروح واغتسلت العينان بدموعها الحارقة مراراً، لأن غايتك أولاً وأخيراً أن تعود البلابل الغريدة إلى أعشاشها الجميلة على أغصان شجرة الصدق الوارفة، لتصدح بأعذب الألحان وتسهم مع محبيها في عزف سيمفونية القيم الإنسانية الراقية التي تحاول جهات كثيرة تحطيم مفاهيمها وتشويه رموزها وغاياتها المثلى.

لمي محمد معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار