المحبة.. حاجة إنسانية حياتية

الوحدة: 28- 7- 2021

 

الحب لغة الكون بأسره، وسنة الحياة، وقانونها الرائع الجميل، ولولاه لبقي الإنسان صخرة صماء في جرود الحياة, والإنسان مفطور على حب أقانيم هامة وضرورية للحياة كالحب والخير والحق والجمال, والمحبة حاجة حياتية إنسانية تصبغ الحياة بأـلوان النقاء والصفاء ولا تستقيم بدونها وتحت رايتها تغدو الحياة أقل ألماً مما فطرت عليه وكما يقول غاندي: (أينما يتواجد الحب تتواجد الحياة).

الحب أسمى عناصر الطبيعة الإنسانية نبلاً, لا تقتلع جذوره من أوردة القلب, عاطفة نقية نزيهة لا تشوبها أغراض المادة وحاجة اجتماعية لها وظيفتها في حماية المجتمع والحفاظ على تماسكه وقوة نسيجه والخلاص من انكسارات وانشطارات الحياة, وبالمحبة والود عالجت الإنسانية على مر الدهور والعصور خلافاتها وأدارت أزماتها وردمت مساحات التناقض بينها.

الهموم والآلام والهشاشة والتيه والضياع التي ترزح تحت بطانة المجتمع تعتقل أفراحنا وتفرش الحزن على شرفة أيامنا, والحب أنيس لضيق الأرواح عندما تداهمها الوحدة, يمنحنا مساحة من الدفء الذي يخفف من الشجن الذي يطال كل جوانب حياتنا, واليد التي تحرك الماء في الحوض الراكد وتعبق الأجواء بطيب المحبة والود , وهو وسيلة التوازن الأفضل مع الذات ومع الآخرين , ووسيلة تواصل بين البشر وتعميق التواصل والتفاهم والمحبة والتلاحم بين مكونات المجتمع ولا يقتصر على العلاقة الرومانسية بين الرجل والمرأة بل يتعداها إلى حب الإنسان لأخيه الإنسان وأهله ومجتمعه ووطنه وقد رأى فيه الفيلسوف جان جاك روسو: (حيلة معدية) الوطن نسغ الحياة ويخضور البقاء والحضن الدافئ الذي يجمعنا, هو المكان الذي يولد فيه الإنسان ويحيا فيه وهو أمانة بين أيدي أبنائه, وأسمى أنواع الحب هو حب الوطن وقد رفع إلى مرتبة الإيمان وعندما يصبح الإنسان بلا وطن يغدو بلا هوية ولا حاضر ولا مستقبل, ولذلك يهدف الأعداء إلى صب الزيت على نار الكراهية والبغضاء لتعفين الواقع الاجتماعي العربي وتحويله إلى الكره والحقد والجهل والانتقام عبر التطرف والقدح والذم والهتك والتشكيك والتخوين وانهيار سلسلة القيم الاجتماعية التي كانت تشكل سنداً قوياً وحائط صد في المصائب والملمات.

الطبيعة الإنسانية تكره البغض وتنبذه  والأزمة التي تعيشها سورية فرضت حضورها وأرخت بظلالها وتداعياتها السوداء على العلاقات الأسرية والاجتماعية وباعدت بين الناس وزادت المسافات التي تفصلهم, والمحبة بمعانيها كافة هي ما نصبو إليه في قلوب ذاقت الألم في ظل حرب ضروس وأيام عجاف تفتك بقيمنا وأخلاقنا وعاداتنا وحاجات عيشنا.. علينا تنحية الضغائن والأحقاد جانباً وتقبل كل شخص للآخر ورأيه المختلف عن رأيه وتغليب صوت المحبة  القادر على بلسمة الجراح والتقارب والتواصل وملاقاة الناس بابتسامة تزرع المحبة والمودة في القلوب, ووقوف الإنسان  إلى جانب أخيه الإنسان في أوجاعه وأتراحه وأفراحه ومراعاة الممارسات والأعراف والتقاليد واحترام القيم الأخلاقية لتحصين الحياة الاجتماعية وخدمة قضايا المجتمع للوصول إلى مجتمع متماسك يسوده التعاون بدل التنابذ والتشاور بدل التناحر والتصافي بدل التجافي.

نعمان إبراهيم حميشة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار