الوحدة 26-7-2021
(يعيش المرء ليموت, وهذه هي المسألة)..
على ضفاف لم ترها, وفوق ثرىً لم تطأه قدماك
قبل أن تكون على هذه الأرض, من ملايين السنين
زحفت أرواحهم كاليرقات الكسولة..
نبتت لهم زعانف, وأجنحة, ومخالب..
غاصوا في البحار, وغابوا خلف السحب..
تمرغوا في التراب والطين
طاروا.. طاروا
ثم سقطوا في قبورهم الموحلة..
أبيدت شعوب, وأحرقت شعوب
باسم الدين والله
باسم الحرية, والعدل, و الحب والسلام..
باسمّ!
ولم تكن حاضراً..
عشت.. قرأت.. شاهدت.. صرخت,
تعلم؟!
كم من المذابح ارتكبت؟
كم من الأكباد انتزعت؟
كم من ملايين الأطفال, ماتوا غرقاً.. خنقاً..
برداً, وجوعاً؟ ذبحاً.. لأجل قمر بعيد؟!
كم من البيوت, والقرى, والمدن, سبيت
وهدمت, وأحرقت, واغتصبت؟ لأجل حورية تشبه فراشة من سراب
كم من الجبال فقئت عيونها, وصلبت, وقطعت؟
كم من الأوطان احتلت, ونهبت, ودمرت, وصارت قاعاً صفصفاً؟
كم؟ وكم؟ من الدماء شكلت عيوناً وجداول, وأنهاراً, وبحاراً؟!
حضورك لا يساوي نقطة في محيط.
وبعد غيابك أيضاً, لا تساوي من محيط.
وبعد..
كم من الدماء ستسفح؟
كم من المجازر سترتكب؟
كم من المشانق ستنصب؟
كم من الأسلحة الحجرية والفتاكة ستطال رؤوس
وصدور الملايين, في المقبلات من السنين؟!
وأخيراً:
في حضورك وغيابك.. وما بعد حضورك
ماذا بمقدورك أن تفعل؟ أيها الشاعر المجلبب بالحزن,
والخوف, والدموع, والشهقات؟
كمن يخوض في أنهار السراب ليروي ظمأه
هي رفة حلم..
فلا تتحسر على عمر قضيته رغماً عنك؟
ورغماً عنك ستفارقه..
والسبعون حضوراً كانت أشبه برفة حلم.
بديع صقور