الوحدة : 25-7-2021
لم تعد تلك المدن تستحم بالضوء والعطر كما كانت تفعل… فقد فرت منها الأماكن الأثيرة كما الأشخاص والزواريب العتيقة والشبابيك والأحلام العالقة في الذهن كبنفسجة برية أدركها التعب!
حتى ساحات أعيادها أصبحت فارغة إلا من صبية يتقاذفون كرة شبه مهترئة..
حدائقها عجوز تسرح بقايا شعرها الفضي وتخبئ تحت وسادتها قصص العشاق الحزينة، تطوي المقاعد والضحكات والهدايا في صندوقها الخشبي وتنام باكراً كل مساء..
على طاولة المقاهي ينام الضجر سعيداً.. حيث لا شيء يوقظ سباته الكسول.. فقط أشباه شعراء تبرأت منهم القافية والقصيدة!
في تلك المدن.. أنت غريب حتى دون تذكرة سفر أو حقيبة.. منفي إلى أقاصي الروح والوجع..
في تلك المدن ..لا يجد بائع العتيق ما يقايضك به إلا حزنك… حتى خبزه اليابس أصبح حلماً متواضعاً..
وربما يوقظك في عز الظهيرة صوت ذلك الشاب الذي يدفع عربة الخضار والفواكه تحت سماء تموز الحارقة… (صومالي يا موز …عسل يا موز..).
تتأمل كلماته.. وتهتف في سرك لعسل من نوع اخر يقطر من شفاه الوقت.. ويتدفق هادئا من جدران الذاكرة غير مكترث لضجيج هذا العالم الذي يمشي مقلوباً على ذراعيه!
منى كامل الأطرش