الوحدة:10-7-2021
أذكر تلك الدموع التي ذرفتها بصمت منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وقتها أحسست بغصة كبيرة في الحلق، وخفت أن يسخر أحد ما من دموعي، فأخفيت وجهي وراء وسادة صغيرة على الأريكة..
كانت الحلقة الأولى من مسلسل الكرتون الشهير (ريمي) وخصوصاً في المشاهد الأخيرة حين يودع بقرته بسبب الفقر ويركض وراءها وكأنه يودع فرح الدنيا كله وعطفها…
البارحة وبطريق الصدفة، تابعت مع صغيرتي (مريم) الحلقة ذاتها.. لم يختلف الموقف كثيراً رغم طول السنوات، لم أستطع حبس دموعي وشعرت بالغصة ذاتها وقفزت بي الذاكرة إلى شاشة صغيرة بالأبيض والأسود، ومشاعر طفولية صادقة لا تعرف الزيف، ولهفة عارمة في انتظار موعد عرض أفلام الكرتون الأثيرة آنذاك..
شعرت للحظات أن تجاعيد الزمن في وجهي ليست سوى تعابير باردة، وأن العمر مجرد رقم رتيب وعاجز عن التعبير عما يعترينا من حزن أو فرح ..
وكأني لم أودع طفولة هناك عند مفترق الشيب.. وكأني لم أستبدل عروسة (الزعتر) الصباحية بفنجان قهوة أبث إليه شجوناً حياتية باتت تؤرقني كبقية أبناء جيلي،
وكأني لم أستبدل رسائلي الطفولية بلهفتي لرسالة (الغاز) ولاحقاً (الخبز)، وكأن (أليس في بلاد العجائب) لم تترك يدي بعد أن اصطحبتني معها إلى عالم الأحلام لأتحول من طفلة حالمة الى امرأة واقعية وعملية…
كأني لم أكبر حقاً.. اكتشفت ذلك حين حاولت إخفاء دموعي عن مريم الصغيرة وهي تراقبني بدهشة، بينما كانت أغنية (الشارة) الدافئة تذيب ثلوج الأعماق في داخلي:
نقطع الدروب..
نفرح القلوب..
ولنا في كل شارع صديق!
منى كامل الأطرش