لا استثمار زراعي على الأملاك البحرية حالياً

الوحدة 24-3-2021

 

 الاستثمار الزراعي على طول امتداد الشريط الساحلي من اللاذقية إلى طرطوس، غير موجود على الأملاك البحرية لشاطئ البحر حالياً، إلا أنه يلاحظ وجوده، ضمن مساحات محددة على الأراضي الرملية المصنفة سياحياً، والمحاذية لشاطئ البحر عند موقع منطقة البصة على وجه الخصوص وبشكل لافت ومتميز، ما يشكل أنموذجاً للزراعات الباكورية من مختلف أنواع الخضار، إضافة إلى أنها تعتبر مصدر رزق وعيش أساسي للعديد من المزارعين الذين يكدحون ويتعبون بمشقة كبيرة للحصول على منتوجات مواسمهم، التي تساعدهم على تحقيق الكفاية الذاتية من جهة، وتالياً تلبية حاجات السوق المحلية من جهة أخرى، وذلك على الرغم من الصعوبات العديدة، التي تقف معرقلة لأداء أعمالهم، إلا أنهم يصمدون ويصبرون للتغلب على مواجهتها، ويفلحون بالوصول إلى أفضل النتائج المرجوة..

لا استثمار زراعي في الأملاك البحرية

أوضح المهندس جعفر صقر- مدير المصايد والرخص في المديرية العامة للموانئ لـ (الوحدة) أن طبيعة الاستثمارات على الأملاك العامة البحرية، التابعة لولاية المديرية العامة للموانئ، تخضع للقانون ٦٥ لعام ٢٠٠١ والقرارات المنبثقة عنه، وضمن إطار الخارطة الاستثمارية، التي يتم إعدادها لطبيعة الفعاليات المنفذة على الأملاك العامة البحرية، والتي قسمت الواجهة البحرية بحسب طبيعة الاستثمار (سياحي، شعبي، مزارع سمكية…) مؤكداً أنه في الوقت الحالي لا توجد أية استثمارات زراعية على هذه الأملاك، وذلك بحكم طبيعتها السياحية، وضيق عرضها على معظم امتداد الشريط الساحلي.

الاستثمار الزراعي في الأراضي الرملية  المصنفة سياحياً عند شاطئ البصة

 من جهة ثانية، قصدت (الوحدة) شاطئ البصة، وجالت في الأراضي الزراعية المستملكة سياحياً، والتي مازال بعض المزارعين  يستثمرونها زراعياً، تلك المنطقة المشتهرة بزراعتها للخضار الباكورية، ومختلف أنواع الحمضيات، التي ترفد منتوجاتها السوق المحلية بكميات كبيرة من أنواع الخضار، والحمضيات.

 وهناك، التقينا بعض المزارعين، الذين عملوا على استثمار الأراضي الرملية المحاذية لشاطئ البحر، والمصنفة سياحياً، إضافة إلى مزارعين آخرين في الأراضي الزراعية المستملكة سياحياً، فكانت لنا الوقفة التالية معهم، بغية التعرف على ماهية الاستثمار الزراعي لهذه المساحات الواسعة من الشريط الساحلي، وتالياً ليتحدثوا لنا عن المكتسبات التي حصلوا عليها من خلال استثمارها بمختلف أنواع المواسم الزراعية، وأبرز الصعوبات التي يعانون منها، وماتزال آثارها قائمة، وعرضة للتفاقم في أي وقت.

 المزارع باسم،  يعمل بزراعة الأرض الرملية المحاذية لشاطئ البحر،  منذ عدة سنوات، وكانت تلك الأرض، التي عمل مع إخوته على استثمار زراعتها بمختلف أنواع الخضار، ولاسيما الباكورية منها، وهي  مصدر لمعيشتهم جميعاً، وتحقق لهم الاكتفاء الذاتي من الخضروات، التي يقومون بزراعتها، وحالياً، أرضهم مزروعة بمحصول البطاطا، إضافة إلى زراعة عدة أنواع من الخضار الباكورية، ومن أبرز أصنافها: الكوسا، والباذنجان، والخيار… ( المحمية بواسطة الأنفاق المغطاة بالنايلون) ولكن ثمة صعوبات يعانون منها كمزارعين، تكمن بارتفاع أسعار البذار والمبيدات والأسمدة، وكذلك ارتفاع أسعار النايلون المستخدم لتغطية الزراعات المحمية، مضافاً إلى ذلك ارتفاع أسعار المحروقات للمضخات المائية اللازمة للسقاية، فضلاً عن صعوبة توفر هذه المادة.        

  أما المزارع محمد، فقال:  إن الأرض هي مصدر الرزق الوحيد بالنسبة لأسرته،

 إذ إنه يوجد لديهم  بستان حمضيات، منذ سنوات طويلة، يؤمن لهم دخلاً مادياً مناسباً، يعتمدون عليه في تلبية متطلبات حاجاتهم المعيشية في حياتهم اليومية، لكنهم مع ذلك، يواجهون بعض الصعوبات، التي تؤرقهم كمزارعين جراء تكاليف الإنتاج مرتفعة الأسعار للمواد اللازمة والضرورية لتحسين الإنتاج الزراعي، وتسويقه، سواء  من أسمدة وأدوية وأجور نقل وعبوات بلاستيكية…

 المزارع أيهم، يقول: إنه عمل على استثمار قطعة أرض على الشاطئ الرملي في البصة (هو وشقيقه)، حيث عملوا على تسييجها بالقصب، وتمكينه بالدعائم الخشبية الكبيرة، وقد قاموا لاحقاً بردف سياجها على امتداده من خلال زراعة القصب حوله من الجهات الأربع، لكي يكون حاجزاً لحدودها من جهة، ومصداً بوجه الرمال البحرية، التي تذروها الرياح العاتية من جهة أخرى، وكذلك عمل أيضاً على حفر بركة ماء للسقاية، وكم كانت الفرحة كبيرة عند الشقيقين في أثناء رؤيتهما أن تلك الأخشاب قد بزغت منها فروعاً خضراء، ولكن ارتفاع تكاليف شبكات الري بالتنقيط، وأسعار النايلون اللازم لزراعة الخصار الباكورية، وتكاليف البذار والشتول وارتفاع أسعار الأسمدة  والمحروقات اللازمة لتشغيل مضخات مياه السقاية، كل تلك المعوقات، كانت سبباً رئيساً حال دون استثمارها على النحو الأمثل،

 وكان الخيار الوحيد أمامهما، هو زراعتها بالفول أو الفجل، وسواهما من الزراعات الشتوية الأخرى، كونها تروى بسهولة في مواسم هطول الأمطار، ولكن حتى أن محصول الفول- للأسف- بعد أن نمت شتوله واخضرت وكبر حجمها،  تعرضت لليباس بفعل هواء البحر، وعدم السقاية اليومية لها، لأنه من المعروف، أن الأراضي الرملية والمحاذية لشاطئ البحر تحديداً، تحتاج يومياً إلى سقاية صباحية أو مسائية، فضلاً عن ضرورة تحصينها وحمايتها جيداً من الرياح البحرية  القوية، التي تعرضها لليباس المحتم، وأحياناً أخرى تغمرها كاملة بالرمال.

ضرورة دعم وتمكين المزارعين

هكذا، استطاع المزارعون الجادون أن يثبتوا بقوة إرادتهم الصلبة، دون كلل، أو ملل، من استثمار هذا النوع من الأراضي المتعبة والمكلفة، التي تملؤها الرمال، وتتلاعب بها الرياح البحرية الهوجاء الشديدة.

 وعلى الرغم من ذلك، فقد تمكنوا من تحويلها إلى مساحات زراعية رملية خصبة وواسعة، يستفيدون منها كمصدرٍ أساسي لرزقهم،  ومعيشتهم عن طريق زراعتها، وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها، وتسويق فائض منتوجات زراعتها بأنواعها المختلفة، وعلى وجه الخصوص الباكورية منها، التي تحقق أسعاراً رائجة وعالية معظم الأحيان.

وهنا، نؤكد بدورنا على أهمية مطالب المزارعين، التي تكمن بضرورة عمل الجهات المعنية على تمكينهم وتقديم الدعم اللازم لهم، بغية مساعدتهم على تذليل الصعوبات، والمعيقات في الأداء الشاق لهؤلاء المزارعين المجدين الصابرين والساهرين من أجل مضاعفة إنتاجهم، واستمرارهم بكدحهم في عملهم الزراعي المتميز. 

الحسن سلطانة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار