وقال البحر …. حقوق الطفل…

الوحدة: 23-3-2021

 

 

كل طفل هو مشروع راشد، وجوهر هذا المشروع لا ينمو إلا بالتفاعل الصحيح حقوقاً وواجبات بين الطفل ومحيطه المتمثل في كل من الأسرة والمدرسة والمجتمع، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الصحة النفسية للأطفال تبقى من أهم المسؤوليات المُلقاة على عاتق الأهل، وهي حالة نسبية تتميز بتوافق الفرد مع نفسه ومع الآخرين، بحيث يكون قادراً على مواجهة متطلبات الحياة، فتتسم شخصيته آنذاك بتكامل يوصف بالسوائية، وأما سلوكه الظاهري فيتميز كونه تكيفياً، إذ يعيش الطفل بسلام ووئام مع أقرانه وأفراد مجتمعه، وتُعد مسؤولية الأهل والوسط المحيط تجاه الطفل في غاية الأهمية، نظراً لما يدخل على نمط الحياة ضمن إطارها من عناصر دائمة التجدد، من شأنها بثّ الشعور بعدم الاستقرار النفسي داخل الفرد المعاصر، ولعل تحقيق الأهل لمسؤوليتهم تجاه الطفل تقتضي معرفة حقوق الطفل على وسطه، وهذه الحقوق التي تتركز مبدئياً على صفته الأساسية كشخص له حق التمتع بالحياة كوليد وطفل ومراهق على حد سواء، وإن كان ذلك التعبير عن هذا الحق يتنوع بتنوع المراحل والأعمار التي يمر بها الإنسان.

يمكن اختصار حقوق الطفل بحقه في العناية والتربية وتأمين الغذاء اللازم لنموه بهدف إشباع حاجاته الحياتية، وحقه أيضاً في تأمين الأمان والدفء العاطفي والحنان لإشباع أغلب حاجاته النفسية والعاطفية إضافة إلى حقه في المساعدة والتوجيه وأن يَفهم ويُعامل على أساس مميزات مراحل نموه مع أهمية مساعدته على كيفية العيش في مناخ اجتماعي جماعي نظيف ومناسب، وبعد لمحة سريعة عن أهم حقوق الطفل أو بتعبير أصح عن أهم الأُسس التربوية التي إذا ما تم احترامها بحق فهذا يُساعد الطفل ومن ثم المراهق على البحث عن ذاته واكتشافها فيتوجب إشراك الطفل مشاركة فعلية وناشطة ودمجه منذ سن مبكرة في المجتمع البشري كي يستمر تطور وعيه الاجتماعي ووجوب توجيهه منذ سن مبكرة لتنظيم حياته وعمله وأوقات فراغه وموازنة نشاطاته وتدبير أموره تدبيراً حسناً خاصة وأن التربية عملية شاقة جداً فهي تبدأ منذ الولادة وتستمر طيلة حياة الإنسان.

من المعلوم بأن حاجة الطفل لتعلم كيفية العيش في مناخ جماعي ضروري جداً لأن ذلك يُولد في نفسه ألوان الوعي الاجتماعي، وذلك من خلال مساعدته على الاندماج والانخراط في ألعاب ونشاطات مع أقرانه من الأطفال الأمر الذي يُمكن الطفل من تعلم القواعد الاجتماعية وكيفية احترامها لتدخل كجزء لا يتجزأ من تركيبة شخصيته، ولعل مسؤولية كل ما تم ذكره تقع على كاهل الأهل بالدرجة الأولى ومن ثم المحيط الذي ينتمي إليه الطفل من أجل توفير المتطلبات المتوجب تأمينها في هذا المضمار والمتمثلة بشكل رئيسي في حاجات الطفل الأساسية كالأمان وإثبات الذات والحب والاهتمام.         

إن قدرة الطفل على الحب وإحساسه بوجود حالة من الانسجام والوداد تسود علاقته بمحيطه، بالإضافة لنمو نزعة التضحية والاستجابة للثقة التي يمنحه إياها الوسط تُغني شخصيته بشكل فريد، وأكثر من ذلك فإن المعرفة الفكرية لا تتحقق من دون إحساس الطفل بالحب والاستلطاف بينه وبين كل محيطه فالثقة المتبادلة تُشكل الركيزة الأساسية لكل تربية، ومن الواضح بأن واجبات الطفل تجاه محيطه ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحقوقه عليه مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية البيئة الاجتماعية في نمو الطفل فهي لا تخلق عنده الطاقات والقدرات وإنما بإمكانها تأمين الأرض الخصبة لتبلور هذه الطاقات فتعطي أفضل ما عندها.

د. بشار عيسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار