العدد:9307
7-3-2019
في حمأة الظروف العصيبة التي تعصف بالوطن، حربٌ في الداخل تربُّصٌ على الحدود، تكالبٌ من الخارج، يقف المواطن الشريف في مواجهة المواطن الفاسد على حلبة النزال في ميدان المعاش اليومي، هو ليس نزال موت بينهما وليس نزال وجود لكنه نزال الاستمرار، نزال الغلبة في إدارة مناحي الحياة فوق أرضٍ غلب ترابها العتيق هباء البارود على مر التاريخ.
النزال بين المواطنيَن ليس بدعة مستحدثة في حياة الشعوب، هو نزال أزلي بين الشريف والفاسد بدأ مع بدء البشرية ولن يزول إلا بزوالها، لكنه في زمن الحرب يضحي نزالاً فجّاً ويزداد فيه وقع السجال بازدياد جرأة الفاسد التي تتجاوز حدّ الوقاحة.
على أرض الحلبة يقف المواطن الفاسد مذخّراً بالواسطة والمحسوبية والرشوة والروتين والترهل الإداري وغسيل الأموال والتعلّل بالحرب وظروفها، في المقابل يقف المواطن الشريف مذخّراً بأسطوانة غاز فارغة إلا من الهواء وجيوب فارغة إلا من بعض البطاقات الذكية وواسطة نقل مهترئة ومحسوبية على الله ورشوةٍ من بضع ليرات يهدّئ فيها روع زوجته صباحاً وروتين حياةٍ يومية متكرّر وترّهلٍ في أثاث المنزل ومعداته وغسيلٍ نشرته زوجته في الشرفة ونشره جيرانه في أحاديثهم وعِلَلٍ سقته إياها الحرب وظروفها.
المراقب لهذا النزال لا يتوقع هزيمةً للفاسد ولا يخمن انتصاراً للشريف لأنه يرى عدم التكافؤ واضحاً بين المتنازلَين ويشاهد بأم عينه غلبة السلاح الذي ذخّر به الفاسد نفسه في مواجهة خصمه الأعزل العاري لكن رؤية العين لا تكفي لكشف الحقيقة وليست كاميرات الجزيرة وشهود عيانها عنا ببعيد.
الأعزل العاري في حلبة المعاش اليومي هو النسخة التوءم للقابض على الزناد المتدثر ببزة الشرف في ميدان النار، على مدى ثمان سنواتٍ سال فيها اللحم على الزناد استطاع رجال الوطن استعادة الوطن من سارقيه بعد أن وقفوا في وجه آلةٍ تشارك في صناعتها جلاوذة العصر من أدنى الأرض إلى أقصاها رغم إصرار أغلب المراقبين للحرب منذ بدايتها أنّ النتيجة محسومة وأنْ لا تكافؤ وأنّ النصر مكفول لشذّاذ الآفاق.
الفاسد الكاسي في الحلبة هو النسخة التوأم للمسلّح القابض على الدراهم المتدثّر بلحية أسياده في ميدان الحرب، الاثنان وجهان لعملة سرقة الوطن وهي أرخص العملات في سوق الخيانة.
كما اعترف المراقبون لميدان الحرب بقصر نظرهم وعجز بصيرتهم عن استقراء الحقيقة التي حاول الإعلام العالمي طمسها سيعترف المراقبون لحلبة النزال بين الفاسد والشريف بانتصار الأخير مهما طال الزمن وكثر السجال لأن الشرفاء هم رجال الوطن في الحرب والسلم جبلوا بترابه العتيق بينما جُبل الفاسدون سرّاق الوطن بهباء البارود وأنّى لهباء البارود أن يغطي التراب العتيق؟!
شروق ديب ضاهر