السوق الشعبي في خبر كان… فشل الكراج أدى لفشل السوق الشعبي في القرداحة

الوحدة: 28-2-2021

 

 

جولات كثيرة ومتعددة وكثير من الاجتماعات والتوجيهات شهدناها العام الماضي بشأن إنشاء أسواق شعبية في كل مدينة ومنطقة بهدف دعم المزارعين وكسر حلقات الوساطات ووضع حد لجشع التجار وإيصال المنتج الزراعي  مباشرة من الفلاح إلى المستهلك.

والقرداحة إحد هذه المناطق التي تم العمل على إحداث سوق شعبي فيها خلال تلك الفترة وتم اختيار موقع له في كراجات الانطلاق الجديدة على أمل أن تنطلق الكراجات والسوق في العمل معاً وقامت البلدية آنذاك بتخصيص ساحة ضمن الكراجات الجديدة بمساحة ٦٠٠ متر مع تركيب خيم قرميد ومقاطع معدنية بمساحات متدرجة تتسع ل ١٨ مكان عرض إضافة لتجهيز خيم  عرض أخرى بمساحة أقل على أن يتم وضعها في خدمة الراغبين بعرض منتجاتهم من مزارعي المنطقة وانطلق العمل به بشكل تجريبي ولكن نتيجة بعد السوق عن المدينة وخلو الكراجات من أي أحد من المواطنين بعد الساعة الثالثة عصراً وعدم وجود حارس للسوق وصعوبة حمل كل الأشياء الخاصة بالبيع يومياً من موازين وطاولة وكرسي وخضروات أو فواكه لم يستطع الفلاح أن يبيعها بالكامل دفع بالجمعيات الفلاحية والمزارعين إلى بناء جدران فاصلة بين منافذ البيع ووضع أبواب عليها للتأمين على ارزاقهم وحاجياتهم ما استدعى بالمعنيين في المحافظة اتخاذ قرار بهدم  ما قام المزارعون والجمعيات الفلاحية ببنائه واعتبارها مخالفة لمعايير الأسواق الشعبية وإعادتها إلى ساحة مفتوحة تتسع للجميع هذا ما جعل المزارعون يتراجعون في حمل منتجاتهم إلى السوق إلى أن توقف العمل به تماماً ولم يعد هناك أي عرض لأي منتجات فيه وتحول إلى مكان خاو  لا يزوره أحد.

 

التقينا السيد كاظم صقر رئيس الرابطة الفلاحية في القرداحة واستفسرنا عما آل إليه وضع السوق الشعبي في القرداحة وهل نجح في دعم المزارعين وخفف الضغط عن ذوي الدخل المحدود أم أنه كان مجرد شعارات رنانة فأجابنا مشكوراً: شاركت ثماني جمعيات فلاحية بعرض منتجاتها في السوق الشعبي منها مركية والمتن وبسين والجديدة  وكلماخو واستمر العمل فترة من الزمن ثم توقفوا بعد أن تهدم ما بنوه من جدران بغرض تأمين منتجاتهم إضافة إلى عدم التزام الناس والسائقين بالكراجات حيث أن نجاح السوق الشعبي من نجاح كراج الانطلاق في المنطقة، علماً أن إقامة مثل هذا السوق كان خطوة رائعة لجميع أبناء المنطقة من منتجين ومستهلكين معاً، وقد تقدمت الجمعيات الفلاحية بطلب تخصيصها بمحلات ضمن السوق الشعبي وقامت بتجهيز المحلات وعرض المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية وبأسعار منافسة ومناسبة للمواطنين حيث أن الهدف من وجود الجمعيات إلغاء دور الوسيط وتخفيف الأعباء عن الإخوة الفلاحين، وأضاف السيد كاظم: عملنا على إنجاح السوق قدر الإمكان وقد طلبت الجمعيات من اللجنة المشكلة لإحداث السوق الشعبي وتنشيطه إغلاق هذه المحلات ليستطيع المزارع التأمين على أغراضه المتبقية ومنتجاته لأنها لا تتأمن وحدها في مساحة مفتوحة وليس من المعقول أن يحملها معه صباحاً ومساء من وإلى قريته البعيدة ويتحمل كل أعباء النقل وخاصة أن الغاية من هذا السوق تعزيز ودعم المزارعين الراغبين بعرض منتجاتهم الزراعية وإزالة كل العوائق من أمامهم وخاصة أن العديد من المزارعين بدؤوا بعرض الكثير من منتجات أراضيهم وحيواناتهم من خضار وفواكه وألبان وأجبان وبيض وكل ما تنتجه المنطقة من منتجات زراعية بالإضافة إلى ما يصنع من هذه المواد من صابون ومخللات ومجففات ودبس فليفلة وبندورة والعديد من الأشياء.

أما المزارعين الذين شاركوا في السوق الشعبي فقد أجابنا عنهم السيد ابو عاطف قائلاً: وضعنا يختصره المثل الذي يقول  (أجت الحزينة تفرح مالقت لحالها مطرح)  حيث أننا لم نكد نثبت أقدامنا بالعمل بعد تشجيع متواصل من الزراعة واتحاد الفلاحين والمحافظة وكل المعنيين في المنطقة حتى انتهى العمل به دون سابق إنذار حيث لم يلتزم أحد بكراجات الانطلاق ولم يعد يتردد علينا إلا ما قل وندر من الناس للشراء وخاصة أن السوق بعيد نوعاً ما عن التجمعات السكنية والشوارع الرئيسية في المدينة إضافة إلى عدم السماح بإغلاق المحلات وهدم الجدران التي بنيناها للحفاظ على أشيائنا ومنتجاتنا، كل هذه العوامل أدت إلى فشل السوق الشعبي وتوقف العمل به.

 ورأى مزارع آخر بأنه من غير المجدي أن يمضي نهاره بالكامل ليبيع بضع كيلوات من الليمون الحامض أو البرتقال لعدم تردد الناس على السوق لبعده عنهم  وفشل ضبط العمل بالكراجات بل كان سيستثمر وقته بشكل أفضل فيما لو أرسل منتجاته وباعها في سوق الهال في جبلة أو اللاذقية.

أما المواطنون فكانت آراؤهم متفاوتة فقد رأت السيدة سعاد أن فكرة السوق الشعبي فكرة جميلة جداً وخاصة في القرداحة كونه لا يوجد فيها سوق بمعنى السوق النظامي بل تتناثر المحلات فيها في كل الشوارع دون تنظيم حيث محل الخضار والفواكه جانب محل الألبسة أو الاحذية أو الفروج أو اللحام، نحتاج إلى سوق منظم نجد فيه كل احتياجاتنا الأساسية وبأسعار مقبولة أسوة بكل المدن السورية ونتمنى اختيار مكان متوسط بين الجميع.

أما السيد سميع  فقد قال: كنا نتمنى نجاح فكرة السوق الشعبي وخاصة أن الجزء الغربي من مدينة القرداحة بعيد عن السوق نسبياً ووجود هذا السوق كان سينعش هذه الأحياء وخاصة لو توافرت فيه عروض متعددة ونوعية جيدة من المنتجات الزراعية إضافة للأسعار المنافسة.

السيد أحمد قال: ما من فرق في الأسعار أو نوعية المنتجات ما بين الأسواق الشعبية أو العادية وكأنها جميعاً من نفس المصدر، ليتهم خسروا كل تلك الأموال على سوق نظامي دون شروط أن بكون مفتوح أو شعبي ويخدم جميع الأهالي دون استثناء ولتبقى المنافسة من حيث جودة المواد ونوعيتها وسعرها هي الحكم وهي المستقطب لكافة المواطنين ليحددوا نجاح التجربة من فشلها، ليتهم أوعزوا للبلدية استثماره وتأجيره للفلاحين بدل هدمه وخاصة أن القرداحة تحتاج سوق خضار نظامياً وسوق هال.

وأخيراً وحسب ما رأينا وسمعنا، للأسف فقد ولدت فكرة السوق الشعبي جنيناً ضعيفاً ما أن رأى النور حتى مات  مباشرة.

سناء ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار